الجمعة، 11 مارس 2022

2.مجموعة مقالات ثانية من{2}



1-مجموعة مقالات ثانية من صيد الخاطر
اللغة العربية بعد نزول القرآن الكريم
إبراهيم فوزى
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
الحمد لله والصلاة والسلام علي محمد رسول الله , أما بعد :-
من أثر القرآن الكريم في اللغة العربية - راجع أثر القرآن الكريم في اللغة العربية والتحديات المعاصرة د.محمد يوسف الشربجي , أثر القرآن في اللغة العربية : حسن الباقوري
1-المحافظة على اللغة العربية من الضياع:‏
السر الكامن وراء خلود اللغة والحفاظ عليها من الاندثار هو القرآن الكريم بما كان له من أثر بالغ في حياة الأمة العربية، وتحويلها من أمة تائهة إلى أمة عزيزة قوية بتمسكها بهذا الكتاب الذي صقل نفوسهم، وهذب طباعهم، وطهر عقولهم من رجس الوثنية وعطن الجاهلية، وألف بين قلوبهم وجمعهم على كلمة واحدة توحدت فيها غاياتهم، وبذلوا من أجلها مهجهم وأرواحهم، ورفع من بينهم الظلم والاستعباد، ونزع من صدورهم الإحن والضغائن والأحقاد، فقد كان القرآن الكريم ولا يزال كالطود الشامخ يتحدى كل المؤثرات والمؤامرات التي حيكت وتحاك ضد لغة القرآن ، يدافع عنها، ويذود عن حياضها، يقرع أسماعهم صباح مساء، وليل نهار بقوله تعالى: ( وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين َ) البقرة: 23 –24 ،
وقوله تعالى: (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً) الإسراء: 88
2-تقوية اللغة والرقي بها نحو الكمال:‏
منح القرآن الكريم اللغة العربية قوة ورقياً ما كانت لتصل إليه لولا القرآن الكريم، بما وهبها الله من المعاني الفياضة، والألفاظ المتطورة والتراكيب الجديدة، والأساليب العالية الرفيعة، فأصبحت بذلك محط جميع الأنظار، والاقتباس منها مناط العز والفخار، وغدت اللغة العربية تتألق وتتباهى على غيرها من اللغات بما حازت عليه من محاسن الجمال وأنواع الكمال،
وفي هذا يقول العلاّمة الرافعي رحمه الله: "نزل القرآن الكريم بهذه اللغة على نمط يعجز قليله وكثيره معاً، فكان أشبه شيء بالنور في جملة نسقه إذ النور جملة واحدة، وإنما يتجزأ باعتبار لا يخرجه من طبيعته، وهو في كل جزء من أجزائه جملة لا يعارض بشيء إلا إذا خلقت سماء غير السماء، وبدلت الأرض غير الأرض، وإنما كان ذلك، لأنه صفى اللغة من أكدارها، وأجراها في ظاهره على بواطن أسرارها، فجاء بها في ماء الجمال أملأ من السحاب، وفي طراءة الخلق أجمل من الشباب، ثم هو بما تناول بها من المعاني الدقيقة التي أبرزها في جلال الإعجاز، وصورها بالحقيقة وأنطقها بالمجاز، وما ركبها به من المطاوعة في تقلب الأساليب، وتحويل التركيب إلى التراكيب، قد أظهرها مظهراً لا يقضى العجب منه لأنه جلاها على التاريخ كله لا على جيل العرب بخاصته، ولهذا بهتوا لها حتى لم يتبينوا أكانوا يسمعون بها صوت الحاضر أم صوت المستقبل أم صوت الخلود لأنها هي لغتهم التي يعرفونها ولكن في جزالة لم يمضغ لها شيح ولا قيصوم" - تاريخ آداب العرب، الرافعي، (ط2، دار الكتاب العربي، بيروت: 1974م) 2 /74 والشيح والقيصوم نباتان من نبات البادية، يضرب بهما المثل، يقال: فلان يمضغ الشيح والقيصوم، إذا كان عربياً خالص البداوة. انظر لسان العرب: (شيح، قصم).‏
3-توحيد لهجات اللغة العربية وتخليصها من اللهجات القبلية الكثيرة:‏
من المعلوم أن لجهات اللغة العربية كانت مختلفة، تحتوي على الفصيح والأفصح، والرديء والمستكره، وكانت القبائل العربية معتدة بلهجتها حتى إن القرآن الكريم نزل على سبعة أحرف من أجل التخفيف على العرب في قراءته وتلاوته، ولا شكّ أن لغات العرب متفاوتة في الفصاحة والبلاغة، ولذلك نجد عثمان رضي الله عنه قد راعى هذا الجانب في جمعه للقرآن، وقال للجنة الرباعية: "إذا اختلفتم أنتم فاكتبوه بلسان قريش فإنه إنما نزل بلغتهم" وما ذلك إلا لأن لغة قريش أسهل اللغات وأعذبها وأوضحها وأبينها، وكانت تحتوي على أكثر لغات العرب، ونظراً لكونهم مركز البلاد وإليهم يأوي العباد من أجل الحج أو التجارة، فقد كانوا على علم بمعظم لغات العرب بسبب الاحتكاك والتعامل مع الآخرين، ولكن لغتهم أسهل اللغات كما ذكرت.
ينقل السيوطي (باب النوع السابع والثلاثون فيما وقع فيه بغير لغة الحجاز – ص 416 و ما بعدها - الإتقان في علوم القرآن، تعليق د. مصطفى البنا (ط. بيروت).‏ ) عن الواسطي قوله: ".... لأن كلام قريش سهل واضح، وكلام العرب وحشي غريب" ولذلك حاول العرب الاقتراب منها، وودوا لو أن ألسنتهم انطبعت عليها حين رأوا هذا القرآن يزيدها حسناً، ويفيض عليها عذوبة، فأقبلوا على القرآن الكريم يستمعون إليه، فقالوا على الرغم من أنفهم: "إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وأسفله لمغدق، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه"
4-تحويل اللغة العربية إلى لغة عالمية:‏
العرب قبل نزول القرآن الكريم، لم يكن لهم شأن ويذكر أو موقع بين الأمم آنذاك حتى تقبل الأمم على تعلم لغتهم، والتعاون معهم فليست لغتهم لغة علم ومعرفة، وكذلك ليس لديهم حضارة أو صناعة، كل ذلك جعل اللغة تقبع في جزيرتها فلا تبرح إلا لتعود إليها.‏
وقد ظلوا كذلك، حتى جاء القرآن الكريم، يحمل أسمى ما تعرف البشرية من مبادئ وتعاليم، فدعا العرب إلى دعوة الآخرين إلى دينهم، ومما لا شك فيه أن أول ما يجب على من يدخل في الإسلام هو تعلم اللغة العربية لإقامة دينه، وصحة عبادته، فأقبل الناس أفواجاً على تعلم اللغة العربية لغة القرآن الكريم، ولولا القرآن الكريم لم يكن للغة العربية هذا الانتشار وهذه الشهرة.‏
يقول أ. د. نور الدين عتر: "وقد اتسع انتشار اللغة العربية جداً حتى تغلغلت في الهند والصين وأفغانستان، وحسبنا شاهداً على ذلك ما نعلمه من مشاهير العلماء من تلك البلاد مثل البخاري ومسلم، والنسائي، وابن ماجه القزويني، وغيرهم وغيرهم" المزهر في علوم اللغة العربية السيوطي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، (ط. مصر).
5-تحويل اللغة العربية إلى لغة تعليمية ذات قواعد منضبطة:‏
من الثابت المعروف أن العرب قبل نزول القرآن كانوا يجرون في كلامهم وأشعارهم وخطبهم على السليقة، فليس للغتهم تلك القواعد المعروفة الآن، وذلك لعدم الحاجة إليها، ولا أدل على ذلك من أن التاريخ يحدثنا عن كثير من العلماء الذين صرحوا أن لغتهم استقامت لمّا ذُهب بهم إلى الصحراء لتعلم اللغة العربية النقية التي لم تشبها شائبة، ومن هؤلاء الإمام الشافعي، وأن الوليد بن عبد الملك كان كثير اللحن، لأنه لم يغترف لغته من الينبوع العربي الصحراوي الصافي.‏
ولما اتسعت الفتوح، وانتشر الإسلام، ودخل الناس في دين الله أفواجاً، احتك العجم بالعرب فأفسدوا عليهم لغتهم، مما اضطر حذيفة بن اليمان الذي كان يغازي أهل الشام في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، أن يرجع إلى المدينة المنورة ويقول لعثمان رضي الله عنه: "يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن تختلف في كتابها اختلاف اليهود والنصارى...." فأمر عثمان( يجمع القرآن، وكان قصده أن يجمعهم على القراءات الثابتة المعروفة عن النبي ( وإلغاء ما ليس بقرآن خشية دخول الفساد والشبهة على من يأتي بعد, وهذا ما حصل، فقد ضعفت اللغة مع مرور الأيام وفشا اللحن في قراءة القرآن، الأمر الذي أفزع أبا الأسود الدؤلي وجعله يستجيب‏ لوضع قواعد النحو، التي هي أساس ضبط حركات الحروف والكلمات، ومن ثم العمل على ضبط المصاحف بالشكل حفاظاً على قراءة القرآن من اللحن والخطأ.‏
وليس هذا فحسب، بل يرجع الفضل للقرآن الكريم في أنه حفظ للعرب رسم كلماتهم، وكيفية إملائهم، على حين أن اللغات الأخرى قد اختلف إملاء كلامها، وعدد حروفها.‏
يقول د. عتر: "والسر في ذلك أن رسم القرآن جعل أصلاً للكتابة العربية، ثم تطورت قواعد إملاء العربية بما يتناسب مع مزيد الضبط وتقريب رسم الكلمة من نطقها، فكان للقرآن الكريم الفضل في حفظ رسم الكلمة عن الانفصام عن رسم القدماء" - دلائل النظام الفراهي - ط2، الدائرة الحميدية الهندية: 1991م.‏
6-تهذيب ألفاظ اللغة العربية، ونشوء علم البلاغة:‏
العرب كانت أمّة أكثرها ضارب في الصحراء، لم يتحضر منها إلا القليل، فلا جرم كان في لغتهم الخشن الجاف، والحوشي الغريب، وقد أسلفنا عن الواسطي أن لغة قريش كانت سهلة لمكان حياة التحضر التي كانت تحياها في ذلك.‏
ولعل من يقرأ الأدب الجاهلي ويتدبره، يزداد إيماناً بما للحضارة من أثر ألفاظ اللغة، فإنه سيرى في أدب أهل الوبر كثيراً من مثل "جحيش" و"مستشزرات" "وجحلنجع"، وما إلى ذلك مما ينفر منه الطبع، وينبو عنه السمع، على حين أنه يكاد لا يصادفه من ذلك شيء في أدب القرشيين.‏
والقرآن الكريم –فضلاً عن أنه نقل العرب من جفاء البداوة وخشونتها، إلى لين الحضارة ونعومتها، فنزلوا عن حوشيتهم، وتوخوا العذوبة في ألفاظهم، -قد تخير لألفاظه أجمل ما تخف به نطقاً في الألسن، وقرعاً للأسماع، حتى كأنها الماء سلاسة، والنسيم رقة، والعسل حلاوة، وهو بعد بالمكان الأسمى الذي أدهشهم وحير ألبابهم، وأفهمهم أن البلاغة شيء وراء التنقيب والتقعير، وتخير ما يكد الألسن ويرهقها من الألفاظ، فعكفوا عليه يتدبرونه، وجروا إليه يستمعونه ذلك أن القرآن الكريم قد انتهج في تعابيره أسلوباً له حلاوة، وعليه طلاوة، تنتفي فيه الكلمة انتقاء، حتى كانت مفردات القرآن الكريم من اللغة العربية بمثابة اللباب وغيرها كالقشور، مما جعل ابن خالويه يقول: "أجمع الناس أن اللغة إذا وردت في القرآن فهي أصح مما في غيره" ،( تاريخ الأدب العربي : كارل بروكلمان ) ، ولا أدل على ذلك من المقارنة بين الشعر الجاهلي والإسلامي، أو الأدب الجاهلي والإسلامي، لتجد البون شاسعاً، والفارق كبيراً، فأقبلوا إليه يزفون، ومن بحره ورياضه يستقون وينهلون، ومن ألفاظ ومعانيه
7- تنمية ملكة النقد الأدبي، وذلك أن العرب كانت لهم أسواقهم المشهورة، ومعلقاتهم المنظومة، ومبارياتهم المعروفة، فلما نزل القرآن الكريم، ولامس شغاف قلوبهم، ورقت له أحاسيسهم ومشاعرهم، فتغيرت أحكامهم وقوانينهم، فنقلهم من الفصيح إلى الأفصح، ومن الجيد إلى الأجود، ذلك هو القرآن بإعجازه، فإذا كان القرآن الكريم بهذه المنزلة وبهذه المكانة، وبهذا التأثير على العرب ولغتهم فنقلهم من البداوة إلى الحضارة، ومن الذل والهوان إلى الرفعة والسؤدد، ومن التقوقع والتشرذم إلى العالمية والانتشار، ومن الحوشي والغريب إلى السهولة واليسر، ومن العامية إلى الفصحى.‏
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
=====
2-
وقفات مع الصحة
أ.فؤاد بن عبدالله الحمد
@fuadalhamd
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على حبيبنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين.
إن صحتك الجسدية – عزيزي القارئ الكريم - تتوقف على الطريقة التي تُكيف بها عضلاتك ونظام الاحتراق الداخلي أو التمثيل الغذائي ؛ وحتى تستطيع الحصول على المستوى الذي ترغبه من الطاقة والحيوية. تماماً مثلما تُكيف جهازك العصبي حتى تستطيع التوصل إلى ذلك السلوك الذي يحقق النتائج التي تريدها.
الوقفة الأولى :
يا ترى ماذا تفعل بانتظام لتعتني بجسدك حتى تحقق ذلك المستوى من الصحة الذي ترغبه؟ قد يكون المشيء بضع دقائق يومياً ؟ أو الامتناع أو التقليل من أكل المأكولات السريعة؟ أو قد يكون التوقف عن بعض عادات الأكل الخاطئة!!
ما الذي يسبب الأداء الفائق لوظائف الجسم الإنساني؟
إن الإنجاز الخارق الذي حققه ( ستو ميتلمان Stu Mittleman[1]) يوضح مدى قوة بعض المبادئ لقد تفوق ( ميتلمان ) على الأرقام العالمية في الجري لمسافات طويلة عندما استطاع أن يجري 1000 ميل في 11 يوماً و19 ساعة. بمتوسط 84 ميلاً في اليوم. الشيء المدهش أنه، وفقاً لما قاله من شاهدوه، في النهاية كان يبدو أفضل مما كان عليه بداية الجري. فهو لم يُصب بأي جرح! ما الذي مكنه من الوصول بجسده إلى الحدود القصوى بدون أن يصاب بأية إصابات؟
أولاً: عن طريق تكريس سنوات عديدة من عمرهِ للتدريب الذهني والجسدي، فقد أثبت ( ميتلمان ) أننا نستطيع أن نتأقلم مع أي شيء إذا استطعنا أن ندفع أنفسنا للالتزام بما هو مطلوب بصفة مستمرة.
ما هو العامل الثاني الذي مكن ( ستو ميتلمان ) من تسجيل رقم عالمي جديد في الجري لمسافات طويلة؟ إنه ببساطة التفرقة بين الصحة واللياقة؛ إذ أنهما ليستا شيئاً واحداً. فماهي اللياقة؟
وفقا لما قاله الدكتور فيليب ما فيتون Philip Maffetone) فإن اللياقة هي المقدرة الجسمانية على أداء نشاط رياضي. أما الصحة فإنها تُعرف بصورة أكثر شمولية: " فهي الحالة التي تعمل فيها جميع أجهزة الجسم بالطريقة المثلى" هذا، ويعتقد الكثير من الناس أن الصحة تعني اللياقة، ولكن في حقيقة الأمر أنهما أمران ليسا بالضرورة متلازمين.
فإذا حققت اللياقة البدنية على حساب الصحة فإنك قد لا تعيش وقتاً كافياً حتى تستمتع باللياقة البدنية الفائقة التي حققتها إلا أن يشاء الله سبحانه وتعالى.
وبالنسبة إليك ــ أي منهما له أولوية أولى؟ هل استطعت أن تحقق توازناً بين الصحة واللياقة؟
الوقفة الثانية :
كيف نستطيع أن نحتفظ بصحة ممتازة؟
أحسن طريق هو أن نعرف الفرق بين تمارين (الأيروبيك Aerobic) أي التمرينات الهوائية أو التمارين الحرة ، وتمرينات (اللأيروبيك Anaerobic) أي اللاهوائية أو الغير حرة! وبمعنى أدق أن نعرف الفرق بين القوة والقدرة على التحمل.
إن كلمة آيروبك أو أوربك تعني " بالأكسجين " وهي تشير إلى التمرينات الرياضية المتوسطة المجهود التي تستمر لفترة زمنية طويلة. فإذا استنهضت مقدرتك على التحمل عن طريق تمرينات الأروبك فإن الدهن المخزون في الجسم يحترق ويصبح الوقود الرئيسي الذي يعتمد عليه جسمك.
أما كلمة اللأيروبيك - من ناحية أخرى - فهي تعني " بدون أكسجين " وهي تشير إلى التمرينات الرياضية التي تولد طاقة عالية ولكن لفترة قصيرة فتمرينات اللأيروبيك - تقوم بحرق مادة جليكوجين (Glycogen) ويستخدمها الجسم كمصدر للطاقة وتسبب احتفاظ الجسم بالدهون.
الآن... هل تعتبر نفسك بصحة جيدة؟ أم على لياقة عالية؟ أم لا هذا ولا ذاك؟
الوقفة الثالثة :
لماذا يعاني الكثير منا من الإرهاق[2]؟
يعيش الكثير من الناس نمط حياة " اللأيروبيك " مشحوناً بالضغط العصبي والمسئوليات العديدة فضلاً عن الطريقة الخطأ التي يمارسون الرياضة بها. وذلك انطلاقاً من رغبتهم في تحقيق نتائج ضخمة في أقصر وقت ممكن. وتمرين اللأيروبيك يستهلك مخزون مادة الجيليكوجن (Glycogen)، ومن ثم يلجأ نظام الاحتراق الداخلي إلى سكر الدم كمصدر ثانٍ للحصول على الطاقة، مما يسبب الصداع، والإرهاق، ومشاكل أخرى.
كيف يمكن أن تغير تدريباتك من " اللأيروبيك " إلى " الأيروبيك " ؟ عن طريق الإبطاء في التدريب. يقول د. فيليب (مافيتون Philip Maffetone) " إن معظم التمرينات مثل المشي ، والجري الخفيف ، وركوب الدراجات ، والسباحة يمكن أن تكون أيروبيك كما يمكن أن تكون لايروبيك!". فمعدل ضربات القلب المنخفض يجعل هذه التمرينات أيروبك، أما المعدل العالي لضربات القلب فيجعلها لا أيروبك.
هل تحتاج إلى الإبطاء من سرعتك في التدريبات وفي طريقة حياتك؟
الوقفة الرابعة :
حتى تحول جسمك إلى آلة لحرق الدهون المخزونة يجب أن تُدرب نظام الاحتراق الداخلي – في جسدك - على أن يعمل وفقاً لتأثير الأيروبك، ويقترح في هذا الشأن الدكتور ( مافيتون ) " أن تعطي نفسك فترة من شهرين إلى ثمانية شهور من المواظبة التامة على التمرينات الأيروبك ". وحتى تستطيع أن تحقق توازناً بين الصحة واللياقة البدنية يمكن بعد انقضاء هذه الفترة أن تنتظم في تمرينات اللاأيروبك من مرة إلى ثلاث مرات أسبوعياً.
وعليك أن تحدد من يجب أن تستشيره حتى تصل بصحتك إلى المستوى المطلوب؟ وماهي تلك المصادر التي يمكن أن تستخدمها في هذا الشأن؟ تذكر.. مشي 15 إلى 30 دقيقة 3 إلى 4 مرات أسبوعياً ولمدة أربعة إلى ثمانية أشهر كفيلة بإذن الله تعالى أن تحقق لك ذلك التوازن في الصحة الجسدية.
الوقفة الخامسة :
قال الفيلسوف الإنجليزي (لدويج ويتجنستين Ludwig Wittgenstein) : " إن الجسم الإنساني هو خير مرآة للروح الإنسانية ". وقيل في الأمثال العربية : " العقل السليم في الجسم السليم ".
يا ترى ماذا يعكس جسدك عن ذاتك الداخلية؟
لا شك أن الأكسجين هو أهم عنصر يؤثر في الصحة؛ فبدونه تصبح الخلايا ضعيفة وتموت. وحتى تتجنب نفاد الأكسجين من جسمك أثناء مزاولة الرياضة يجب أن تعلم أنك تجاوزت حدود الأيروبك إلى اللايروبك أثناء التمرين.
حاول أن تجيب على الأسئلة التالية كمرشدٍ لك في ذلك الأمر:
1- هل تستطيع التحدث أثناء مزاولة تمرينات الأيروبك، أم أنك شديد التعب ولا تستطيع ؟ ( لاأيروبك )
2- هل يكون تنفُسك منتظماً وواضحاً (أيروبك) أم أنه غير طبيعي ومُجهدُ (لاأيروبك)؟
3- هل تستمتع بالتمرينات على الرغم من أنها مجهدة (أيروبك)، أم أنك إتشعر بإرهاق شديد (لاأيروبك)؟
4- إذا أعطيت نفسك درجة من عشر، بحيث يمثل رقم (صفر) أقل جهد ويمثل الرقم (10) أقصى جهد.. فما هي الدرجة التي تعطيها لنفسك؟
إن التقييم المثالي بجيب أن يكون ما بين 6 إلى 7 أما إذا تجاوزت 7 فاعلم أنك قد تجاوزت الحدود إلى اللاأيروبك.
الوقفة السادسة :
الآن إليك الطريقة التي تستطيع بها أن تُدخل التدريبات الرياضية إلى نظام حياتك بصورة مستمرة ومُحببة إلى النفس ــ اتبع هذه التعليمات :
1-حاول أن تحدد ما إذا كانت التدريبات التي تقوم بها تدخل في نطاق الأيروبك أم اللا أيروبك: هل تستيقظ في الصباح شاعراً بالإرهاق؟ هل تشعر بالجوع وتقلّب المزاج، أم تشعر بالآلام بعد انتهاء التمرين؟
هل مازالت طبقات الدهن التي تريد أن تتخلص منها موجودة على الرغم من المجهود المضنى الذي تبذله؟ إذا كانت إجابتك (بنعم) لبعض أو معظم هذه الأسئلة فأغلب الظن أنك تمارس رياضتك بطريقة " اللا أيروبك ".
2-حاول أن تشتري جهاز مراقبة ضربات القلب[3] حتى يساعدك على ضبط مجهودك في حدود نطاق تدريبات الأيروبك، فقد يكون أحد الاستثمارات الناجحة في حياتك.
3-قم بوضع خطة حتى تبدأ في تكييف نظام الاحتراق الداخلي حتى يحرق الدهن ويولد مستويات ثابته من الطاقة. ثم حاول أن تلتزم بهذه الخطة لمدة الأيام العشرة القادمة.
أسأل الله تعالى أن ينفع بهذه الوقفات ويبارك فيها ويجعلها شاهدة علينا في الدنيا والآخرة... وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين...
--------------------------------------------
[1] Stu Mittleman is an ultradistance running champion, as well as a fitness/running coach and author.
Mittleman set three consecutive American 100-Mile Road Race records in the US National Championships 1980–1982. His fastest 100-Mile Run was 12 hours 56 min [1]. In 1986, he won the 1,000 Mile World Championship and set a new world record by running the distance (1 609.344 kilometers) in 11 days, 2 hours, 6 min. 6 sec. Mittleman set three consecutive American Records in the 6 Day Race, the final one being set in 1985 at the University of Colorado Field House. One record, which still stands: 577.75 miles in 4 Days.
[2] إِرْهَاقُ النَّفْسِ :- : حَمَّلَهَا مَا لَا تُطِيقُ بِعَمَلٍ زَائِدٍ . :- كقول أحدهم " زِدْتُ نَفْسِي إِرْهَاقاً ". المصدر موقع www.almaany.com
[3] هناك بعض أجهزة الهواتف الذكية فيها هذه الخاصية، كذلك هناك ساعات ذكية تتوفر فيها هذه الخاصية يمكنك استعمالها في تمريناتك الرياضية. كذلك معظم أجهزة الرياضة المنزلية؛ سواء أجهزة السير أو التجديف أو حتى الدراجة الرياضية الثابتة وخاصة المتطور منها تتوفر فيها هذه الخاصية إلا أنها باهضة الثمن مقارنة مع الساعات الذكية.
========
3-
مفهوم القرآن
من كتاب مجالس القرآن للشيخ : فريد الأنصاري رحمه الله تعالى
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
ولنسأل الآن: ما القرآن؟
ما هذا الكتاب الذي هز العالم كله؟ بل الكون كله؟
أجمع العلماء في تعريفهم للقرآن على أنه (كلام الله)، واختلفوا بعد ذلك في خصائص التعريف ولوازمه، ولا نقول في ذلك إلا بما قال به أهل الحق من السلف الصالح. وإنما المهم عندنا الآن ههنا بيان هذا الأصل المجمع عليه بين المسلمين: (القرآن كلام الله). هذه حقيقة عظمى، ولكن لو تدبرت قليلا..
الله جل جلاله خالق الكون كله.. هل تستطيع أن تستوعب بخيالك امتداد هذا الكون في الآفاق؟.. طبعا لا أحد له القدرة على ذلك إلا خالق الكون سبحانه وتعالى. فالامتداد الذي ينتشر عبر الكون مجهول الحدود، مستحيل الحصر على العقل البشري المحدود. هذه الأرض وأسرارها، وتلك الفضاءات وطبقاتها، وتلك النجوم والكواكب وأفلاكها، وتلك السماء وأبراجها، ثم تلك السماوات السبع وأطباقها... إنه لضرب في غيب رهيب لا تحصره ولا ملايين السنوات الضوئية. أين أنت الآن؟ اسأل نفسك.. أنت هنا في ذرة صغيرة جدا، تائهة في فضاء السماء الدنيا: الأرض. وربك الذي خلقك، وخلق كل شيء، هو محيط بكل شيء قدرةً وعلما.. هذا الرب الجليل العظيم، قدَّر برحمته أن يكلمك أنت، أيها الإنسان؛ فكلمك بالقرآن.. كلام الله رب العالمين. أوَ تدري ما تسمع؟ الله ذو الجلال رب الكون يكلمك (فاستَمِعْ لِمَا يُوحَى). أي وجدان، وأي قلب؛ يتدبر هذه الحقيقة العظمى فلا يخر ساجدا لله الواحد القهار رغبا ورهبا؟ اللهم إلا إذا كان صخرا أو حجرا. كيف وها الصخر والحجر من أخشع الخلق لله؟ (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)(الحشر:21) وهي أمثال حقيقة لا مجاز، ألم تقرأ قول الله تعالى في حق داود عليه السلام: (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ)(سورة ص:18-19)، وقوله تعالى: (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ)(الأعراف:143).
كلام الله هو كلام رب الكون، وإذا تكلم سبحانه تكلم من عَلُ: أي من فوق؛ لأنه العلي العظيم سبحانه وتعالى، فوق كل شيء، محيط بكل شيء علما وقدرة. إنه رب الكون.. فتدبر: (أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَاء رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ)(فصلت:54). ومن هنا جاء القرآن محيطا بالكون كله، متحدثا عن كثير من عجائبه. قال تعالى في سياق الكلام عن عظمة القرآن: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ. وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ. إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ. فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ. لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ. تَنْـزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ. أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنتُم مُّدْهِنُونَ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ)(الواقعة:75-82). سبحانك ربنا ولا بأي من آياتك نكذب.
ذلك هو القرآن.. كلام من أحاط بمواقع النجوم خَلْقاً، وأمراً، وعلماً، وقدرةً، وإبداعاً. فجاء كتابه بثقل ذلك كله، أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم، من بعدما هيأه لذلك، وصنعه على عينه سبحانه جل وعلا، فقال له: (إنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً)(المزمل:5). ومن هنا لما كذب الكفار بالقرآن، نعى الله عليهم ضآلة تفكيرهم، وقصور إدراكهم، وضعف بصرهم، عن أن يستوعبوا بعده الكوني الضارب في بحار الغيب، فقال تعالى: (وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً. قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا)(الفرقان:5-6). وإنه لرد عميق جدا. ومن هنا جاء متحدثا عن كثير من السر في السماوات والأرض. قال عز وجل: (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ. وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً)(الكهف:54). وقال: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ. أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ. أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَاء رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ)(فصلت:53-54).
فليس عجبا أن يكون تالي القرآن متصلا ببحر الغيب، ومأجورا بميزان الغيب، بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها، والحرف إنما هو وحدة صوتية لا معنى لها في اللغة، نعم في اللغة، أما في القرآن فالحرف له معنى، ليس بالمعنى الباطني المنحرف، ولكن بالمعنى الرباني المستقيم. أوَ ليس هذا الحرف القرآني قد تكلم به الله؟ إذن يكفيه ذلك دلالة وأي دلالة! ويكفيه ذلك عظمة وأي عظمة! فعن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (من قرأ حرفاً من كتاب اللَّه فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول "ألم" حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف).
ولذلك كان لقارئ القرآن ما وعده الله إياه، من رفيع المنازل في الجنان العالية، وما أسبغ عليه من حلل الجمال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقال لصاحب القرآن ‌:‌ اقرأ وَارْقَ! ورَتِّلْ كما كنت ترتل في دار الدنيا! فإن منـزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها!) ‌وقال أيضا: (يجيء القرآن يوم القيامة فيقول‌:‌ يا رب، حَلِّهِ! فيُلْبَسُ تاجَ الكرامة، ثم يقول:‌ يا رب زِدْهُ! فيُلْبَسُ حُلَّةَ الكرامة، ثم يقول‌:‌ يا رب اِرْضَ عنه! فيرضى عنه، فيقول‌:‌ اِقرأ، وَارْقَ! ويُزَادُ بكل آية حسنة!) (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم)(الجمعة:4).
إنه تعالى تكلم، وهو سبحانه وتعالى متكلم، سميع، بصير، عليم، خبير، له الأسماء الحسنى والصفات العلى، نثبتها كما أثبتها السلف، بلا تأويل ولا تعطيل ولا تشبيه. لقد تكلم عز وجل، وكان القرآن من كلامه الذي خص به هذه الأمة المشرفة، أمة محمد عليه الصلاة والسلام. فكان صلة بين العباد وربهم، صلة متينة، مثل الحبل الممدود من السماء إلى الأرض، طرفه الأعلى بيد الله، وطرفه الأدنى بيد من أخذ به من الصالحين.
قال عليه الصلاة والسلام في خصوص هذا المعنى، من حديث سبق: (كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض) وقال في مثل ذلك أيضا: (أبشروا.. فإن هذا القرآن طرفه بيد الله و طرفه بأيديكم، فتمسكوا به، فإنكم لن تهلكوا، و لن تضلوا بعده أبدا). وروي بصيغة أخرى صحيحة أيضا فيها زيادة ألطف، قال صلى الله عليه وسلم:‌ (أبشروا.. أبشروا.. أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟‌ قالوا ‌:‌ بلى، قال ‌:‌ فإن هذا القرآن سبب، طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فتمسكوا به، فإنكم لن تضلوا، ولن تهلكوا بعده أبدا!)
هي الرسالة وصلت من رب العالمين إليك أيها الإنسان، فاحذر أن تظنك غير معني بها في خاصة نفسك، أو أنك واحد من ملايير البشر، لا يُدْرَى لك موقع من بينهم، كلا! كلا! إنه خطاب رب الكون، فيه كل خصائص الكلام الرباني، من كمال وجلال، أعني أن الله يخاطب به الكل والجزء في وقت واحد، ويحصي شعور الفرد والجماعة في وقت واحد، (قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ. وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ. وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(آل عمران:29) سبحانه جل جلاله، لا يشغله هذا عن ذاك، وإلا فما معنى الربوبية وكمالها؟ تماما كما أنه قدير على إجابة كل داع، وكل مستغيث، من جميع أصناف الخلق، فوق الأرض وتحت الأرض، وفي لجج البحر، وتحت طبقاته، وفي مدارات السماء... إلخ. كل ذلك في وقت واحد - وهو تعالى فوق الزمان والمكان - لا يشغله شيء عن شيء، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، فبذلك المنطق نفسه أنت إذ تقرأ القرآن تجد أنه يخاطبك أنت بالذات، وكأنه لا يخاطب أحدا سواك. احذر أن تخطئ هذا المعنى.. تذكر أنه كلام الله، وتدبر.. ثم أبصر!
قال جل جلاله: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)(محمد:24)، (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا)(النساء:82).. فتدبر!
ذلك هو القرآن: الكتاب الكوني العظيم، اقرأه وتدبر، فوراء كل كلمة منه حكمة بالغة، وسر من أسرار السماوات والأرض، وحقيقة من حقائق الحياة والمصير، ومفتاح من مفاتيح نفسك السائرة كرها نحو نهايتها. فتدبر.. إن فيه كل ما تريد. ألست تريد أن تكون من أهل الله؟ إذن عليك بالقرآن! اجعله صاحبك ورفيقك طول حياتك؛ تكن من (أهل الله) كما في التعبير النبوي الصحيح. قال عليه الصلاة والسلام: (إن لله تعالى أهلين من الناس‌:‌ أهل القرآن هم أهل الله، وخاصته‌).
=========
4.
حاجتنا إلى القرآن العظيم
من كتاب مجالس القرآن للشيخ : فريد الأنصاري رحمه الله تعالى
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
من أنت؟
أنا، وأنت!.. ذلك هو السؤال الذي قلما ننتبه إليه! والعادة أن الإنسان يحب أن يعرف كل شيء مما يدور حوله في هذه الحياة، فيسأل عن هذه وتلك، إلا سؤالا واحدا لا يخطر بباله إلا نادرا! هو: من أنا؟ نعم، فهل سألت يوما نفسك عن نفسك: من أنت؟
ولعل أهم الأسباب في إبعاد ذلك وإهماله يرجع في الغالب إلى معطى وهمي، إذ نظن أننا نعرف أنفسنا فلا حاجة إلى السؤال! تغرنا إجابات الانتماء إلى الأنساب والألقاب، وتنحرف بنا عن طلب معرفة النفس الكامنة بين أضلعنا، التي هي حقيقة (من أنا؟) و(من أنت؟) ويتم إجهاض السؤال في عالم الخواطر؛ وبذلك يبقى الإنسان أجهل الخلق بنفسه، فليس دون الأرواح إلا الأشباح!
ولو أنك سألت نفسك بعقلك المجرد: من أنتِ؟ سؤالا عن حقيقتها الوجودية الكاملة؛ لما ظفرت بجواب يشفي الغليل! وإذن تدخل في بحر من الحيرة الوجودية!
أنا وأنتَ، تلك قصة الإنسان منذ بدء الخلق إلى يوم الناس هذا.. إلى آخر مشهد من فصول الحياة في رحلة هذه الأرض! وهي قصة مثيرة ومريرة!
ولذلك أساسا كانت رسالةُ القرآن هي رسالة الله إلى الإنسان؛ لتعريفه بنفسه عسى أن يبدأ السير في طريق المعرفة بالله؛ إذْ معرفة النفس هي أول مدارج التعرف إلى الله. وليس صدفة أن يكون أول ما نزل من القرآن: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ)(العلق:1-2). ثم تواتر التعريف بالإنسان – بَعْدُ - في القرآن، في غير ما آية وسورة، من مثل قوله سبحانه: (هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا. إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا. إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)(الإنسان:1-3) وكذلك آيات السيماء الوجودية للإنسان، الضاربة في عمق الغيب، من قوله تعالى: (ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ. الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِنْ طِينٍ. ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ. ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ)(السجدة:6-9).
ومن هنا أساسا كانت قضية الشيطان - بما هو عدو للإنسان - هي إضلاله عن معالم الطريق، في سيره إلى ربه! بدءا بإتلاف العلامات والخصائص المعرفة بنفسه، والكاشفة له عن حقيقة هويته، وطبيعة وجوده! حتى إذا انقطعت السبل بينه وبين ربه ألَّهَ نفسَه، وتمرد على خالقه!
ولم يزل الإنسان في قصة الحياة يضطرب بين تمرد وخضوع، في صراع أبدي بين الحق والباطل إلى الآن! فكانت لقصته تلك عبر التاريخ مشاهدُ وفصول! وكانت له مع الشيطان ومعسكره معاركُ ضارية، فيها كَرٌّ وفَرٌّ، وإقبالٌ وإدبار!
قال عز وجل حكايةً عن إبليس: (قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلا قَلِيلاً. قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا. وَاسْتَفْزِزْ مَنْ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَولادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا. إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً)(الإسراء:62-65).
من أجل ذلك كان للإنسان في كل زمان قصةٌ مع القرآن، وقصةٌ مع الشيطان!
فيا حسرة عليك أيها الإنسان! هذا عمرك الفاني يتناثر كل يوم، لحظةً فلحظة، كأوراق الخريف المتهاوية على الثرى تَتْرَى! اُرْقُبْ غروبَ الشمس كل يوم؛ لتدرك كيف أن الأرض تجري بك بسرعة هائلة؛ لتلقيك عن كاهلها بقوة عند محطتك الأخيرة! فإذا بك بعد حياة صاخبة جزءٌ حقير من ترابها وقمامتها! وتمضي الأرض في ركضها لا تبالي.. تمضي جادةً غير لاهية – كما أُمِرَتْ - إلى موعدها الأخير! فكيف تحل لغز الحياة والموت؟ وكيف تفسر طلسم الوجود الذي أنت جزء منه ولكنك تجهله؟ كيف وها قد ضاعت الكتب كلها؟ ولم يبق بين يديك سوى هذا (الكتاب)!
فأين تجد الهداية إذن يا ابن آدم؟ وأنى تجدها إن لم تجدها في القرآن؟ وأين تدرك السكينة إن لم تدركها في آياته المنصوبة - لكل نفس في نفسها – علامات ومبشرات في الطريق إلى الله؟ (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا. وأَنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا)(الإسراء:9 - 10).
نَعَم، بقي القرآن العظيم إعجازا أبديا، يحي الموتى، ويبرئ المرضى، ويقصم قلوب الجبابرة، ويرفع هامات المستضعفين في العالمين، ويحول مجرى التاريخ! وكل ذلك كان - عندما كان - بالقرآن، وبالقرآن فقط! وهو به يكون الآن، وبه يكون كلما حَلَّ الإبَّانُ من موعد التاريخ، ودورة الزمان! على يد أي كان من الناس! بشرط أن يأخذه برسالته، ويتلوه حق تلاوته! وتلك هي القضية!
ماذا حدث لهؤلاء المسلمين؟ أين عقولهم؟ أين قلوبهم؟ أليس ذلك هو القرآن؟ أليس ذلك هو كلام الله؟ أليس الله رب العالمين؟ أليس الخلق - كل الخلق - عبيده طوعا أو كرها؟ ففيم التردد والاضطراب إذن؟ لماذا لا ينطلق المسلم المعاصر يشق الظلمات بنور الوحي الساطع، الخارق للأنفس والآفاق؟
ألم يقل الله في القرآن عن القرآن، بالنص الواضح القاطع: (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ! وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)؟(الحشر:21). فهل هذه خاصية ماتت بموت محمد رسول الله؟ أم أن معجزة القرآن باقية بكل خصائصها إلى يوم القيامة؟ ورغم أن الجواب هو من المعلوم من دين الإسلام بالضرورة لكل مسلم؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقي البشرى إلى هذه الأمة، نورا من الأمل الساطع الممتد إلى الأبد! فقد دخل عليه الصلاة والسلام المسجدَ يوما على أصحابه ثم قال:‌ (أبشروا.. أبشروا..! أليس تشهدون ألا إله إلا الله وأني رسول الله؟‌ قالوا ‌:‌ بلى، قال ‌:‌ فإن هذا القرآن سَبَبٌ، طرفُه بيد الله، وطرفه بأيديكم، فتمسكوا به! فإنكم لن تضلوا، ولن تهلكوا بعده أبداً!) ومثله أيضا قولهe بصيغة أخرى: (كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض). تلك حقيقة القرآن الخالدة، ولكن أين من يمد يده؟
ألم يأن للمسلمين – وأهل الشأن الدعوي منهم خاصة – أن يلتفتوا إلى هذا القرآن؟ عجبا! ما الذي أصم هذا الإنسان عن سماع كلمات الرحمن؟ وما الذي أعماه عن مشاهدة جماله المتجلي عبر هذه الآيات العلامات؟ أليس الله – جل ثناؤه – هو خالق هذا الكون الممتد من عالم الغيب إلى عالم الشهادة؟ أليس هو – جل وعلا – رب كل شيء ومليكه؟ الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى؟ أوَليس الله هو مالك الملك والملكوت؟ ذو العزة والجبروت؟ لا شيء يكون إلا بأمره! ولا شيء يكون إلا بعلمه وإذنه! أوَليس الخلق كلهم أجمعون مقهورين تحت إرادته وسلطانه؟ فمن ذا قدير على إيقاف دوران الأرض؟ ومن ذا قدير على تغيير نُظُم الأفلاك في السماء؟ من بعد ما سوَّاها الله على قدر موزون، (فَقَالَ لَهَا وَلِلاَرْضِ إيتِيَا طَوْعاً أوْ كَرْهاً قَالَتَا أتَيْنَا طَائِعِينَ)؟(فصلت:10) ومن ذا مِنَ الشيوخ المعمَّرين قديرٌ على دفع الهرم إذا دب إلى جسده؟ أو منع الوَهَنِ أن ينخر عظمه، ويجعد جلده؟ ويحاول الإنسان أن يصارع الهرم والموت! ولكن هيهات! هيهات!
كَنَاطِحٍ صَخْرَةً يَوْماً لِيُوهِنَهَا *** فَلَمْ يَضِرْهَا وَأَوْهَى قَرْنَهُ الوَعِلُ!
الموت والفناء هو اليقينية الكونية المشتركة بين جمع الخلق، كافرهم ومؤمنهم!
يولد الإنسان يوما ما.. وبمجرد التقاط نفَسِه الأول من هواء الدنيا يبدأ عمره في عَدٍّ عَكْسِي نحو موعد الرحيل..! فكان البدءُ هو آية الختام! هكذا يولد الإنسان وبعد ومضة من زمن الأرض تكون وفاته! (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ. وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالاِكْرَامِ)(الرحمن:24-25).
ذلك هو الله رب العالمين، يرسل رسالته إلى هذا الإنسان العبد، فيكلمه وحيا بهذا القرآن! ويأبى أكثرُ الناس إلا تمردا وكفورا! فواأسفاه على هذا الإنسان! ويا عجبا من أمر هؤلاء المسلمين! كأن الكتاب لا يعنيهم، وكأن الرسول لم يكن فيهم! (يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ! مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزءُون!)(يس:30)
إن هذا القرآن هو الروح الذي نفخه الله في عرب الجاهلية؛ فأخرج منهم خير أمة أخرجت للناس! وانبعثوا بروح القرآن من رماد الموت الحضاري؛ طيوراً حية تحلق في الآفاق، وخرجوا من ظلمات الجهل ومتاهات العمى أدِلاَّءَ على الله، يُبْصِرون بنور الله ويُبَصِّرون العالم الضال حقائق الحياة! ذلك هو سر القرآن، الروح الرباني العظيم، لا يزال هو هو! روحا ينفخ الحياة في الموتى من النفوس والمجتمعات؛ فتحيا من جديد! وتلك حقيقة من أضخم حقائق القرآن المجيد! قال جل ثناؤه: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْإِيمَانُ. وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا. وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ. صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ. أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ)(الشورى:52-53).
من أنت؟ تلك قصة النبأ العظيم! نبأ الوجود الضخم الرهيب، من البدء إلى المصير! النبأ الذي جاءت به النُّذُرُ من الآيات: (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا: يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ!)(الأنبياء:97). وقريبا جدا – واحسرتاه! – تنفجر به الأرض والسماوات! (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ! كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ)(الأنبياء:104).
ذلكم هو النذير القرآني الرهيب! ولقد أعذر من أنذر! وما بقي لمن بلغه النبأ العظيم من محيص؛ إلا أن يتحمل مسؤوليته الوجودية، ويتخذ القرار، قراراً واحدا من بين احتمالين اثنين، لا ثالث لهما: النور أو العَمَى! وما أنزل الله القرآن إذْ أنزله إلا لهذا! ولقد صَرَّفَه على مدى ثلاث وعشرين سنة؛ آيةً آيةً، كل آية في ذاتها هي بصيرة للمستبصرين، الذين شَاقَهُم نورُ الحق فبحثوا عنه رَغَباً ورَهَباً؛ عسى أن يكونوا من المهتدين. وبقي القرآن بهذا التحدي الاستبصاري يخاطب العُمْيَ من كل جيل بشري! قال الحقُّ جل وعلا: (قَدْ جَاءكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ)(الأنعام:104).
من أجل ذلك؛ نرجع آئبين إلى رسالة الله، نقرؤها من جديد، نستغفره تعالى على ما فرطنا وقصرنا! قدوتنا في هذه السبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنته الزكية، التي لم تكن في كل تجلياتها النبوية – قولا وفعلا وتقريرا - إلا تفسيرا للقرآن العظيم! وكفى بكلمة عائشة أم المؤمنين، في وصفه – عليه الصلاة والسلام – لما سئلت عن خُلُقِهe؛ فقالت بعبارتها الجامعة المانعة: (كان خُلُقُه القرآن!) ولقد ضل وخاب من عزل السنة عن الكتاب!
نرجع إذن إلى القرآن، نحمل رسالته إن شاء الله – كما أمر الله – نخوض بها تحديات العصر، يحدونا اليقين التام بأن لا إصلاح إلا بالصلاح! وأن لا ربانية إلا بالجمع بينهما! وأن لا إمكان لكل ذلك – صلاحاً وإصلاحاً وربانيةً - إلا بالقرآن المجيد! وهو قول الحق - جل ثناؤها – في آية عجيبة، آية ذات علامات – لمن يقرأ العلامات – ولكل علامة هدايات. قال تعالى ذِكْرُه: (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ)(الأعراف:170) التَّمْسِيكُ بالكتاب، وإقامُ الصلاة: أمران كفيلان برفع المسلم إلى منـزلة المصلحين! هكذا: (إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ). وإن تلك لآية! ومثلها قوله تعالى: (وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تَعْلَمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ)(آل عمران:79). وقد قُرِئَتْ: (تَعْلَمُونَ الْكِتَابَ) و(تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ)؛ للجمع بين وظيفتي التَّعَلُّم والتعليم، والصلاح والإصلاح، إذْ بذلك يكون التدارس لآيات القرآن العظيم، بما هي علامات دالة على الله، وراسمة لطريق التعرف إليه جل وعلا، في الأنفس والآفاق. وتلك هي السبيل الأساس للربانية، كما هو واضح من دلالة الحصر المستفادة من الاستدراك في الآية: (ولكن كونوا ربانيين).
===
5.
در السحابة في مناقب الصحابة
منصور بن محمد فهد الشريده
@Aboesam742Are
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
زكى الله جل وعلا صحابة رسول الله ﷺ الكرام في كتابه الكريم في غير ما آية ، فقال تعالى :{ والسابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه ، وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم }[ التوبة : ١٠].
وقال الله تعالى : ﴿ للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون } [الحشر : ٨ ، ٩ ].
وقال تعالى: (( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً )) [الفتح :١٨].
ففي هذه الآيات وغيرها بيان فضل الصحابة رضوان الله عليهم ومناقبهم ، وعظم ما امتن الله به عليهم دون سائر الأمة ، كيف لا وهم أصحاب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، ونقلة الوحي من بعده ، ، ويؤيد هذا البيان ماجاء في السنة المطهرة في أحاديث كثيرة اكثر من أن تحصر ، ومنها الحديث المعروف :( لاتسبوا أصحابي ، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ، ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه ).
ولاتزال عقيدة المسلمين على إجماع حبهم وتوقيرهم ومعرفة منزلتهم حتى نبتت نابته من أهل الرفض وأذنابهم ، فأخذوا يطعنون في الصحابة ويسبونهم ويشتمونهم مخالفين بذلك الكتاب والسنة وسلف الأمة ، فانبرى لهم الأئمة وبينوا خطر طعنهم وأن القدح في الناقل مسلتزم القدح في المنقول ، فاتخذ كثير من الزنادقة الطعن في صحابة رسول الله ﷺ مطية لتعطيل الشريعة السمحة.
قال الإمام الطحاوي: "ونحب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا نفرط في حب أحد منهم ، ولا نتبرأ من أحد منهم ، ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم ، ولا نذكرهم إلا بخير وحبهم دين وإيمان وإحسان ، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان".
وقال شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني في عقيدته: «فمن أحبهم، وتولاهم، ودعا لهم، ورعى حقهم، وعرف فضلهم، فاز في الفائزين ، ومن أبغضهم، وسبهم، ونسبهم إلى ما تنسبهم إليه الروافض والخوارج لعنهم الله، فقد هلك في الهالكين….».
رَحِيمٌ﴾.
وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ((لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً، ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)).
ويقبلون ما جاء به الكتاب والسنة أو الإجماع، من فضائلهم ومراتبهم» إلى أن قال: «ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره، من أن أخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ويثلثون بعثمان، ويربعون بعلي رضي الله عنهم، كما دلت عليه الآثار، وكما أجمعت الصحابة على تقديم عثمان في البيعة ….».
ويقول الإمام المقرئي أبو عمر الداني في كتابه الرسالة الوافية لمذهب أهل السنة «ومن قولهم أن يحسن القول في السادات الكرام، أصحاب محمد عليه السلام، وأن تذكر فضائلهم، وتنشر محاسنهم، ويمسك عما سوى ذلك مما شجر بينهم، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا ذكر أصحابي فأمسكوا)). يعني إذا ذكروا بغير الجميل، ولقوله: ((الله الله في أصحابي))، ويجب أن يلتمس لهم أحسن المخارج وأجمل المذاهب لمكانهم من الإسلام وموضعهم في الدين والإيمان».
ويقول علامة قطر الشيخ أحمد بن حجر البوطامي رحمه الله تعالى رحمه الله: «وأجمع أهل السنة سلفاً وخلفاً من أهل الفقه والحديث والتفسير والكلام، على تنوع مذاهبهم: أن الواجب الثناء على أصحاب رسول الله، وحبهم والاستغفار لهم، والترحم عليهم، والترضي عنهم، وموالاتهم، وعقوبة من أساء فيهم القول …..».
ابو الحسن الأشعري: أثنى الله -عز وجل- على المهاجرين والأنصار والسابقين الى الاسلام، ونطق القرآن بمدح المهاجرين والأنصار في مواضع كثيرة وأثنى على أهل بيعة الرضوان فقال عز وجل: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} (سورة الفتح، الآية 18).
وقال أبو الحسن الأشعري –رحمه الله-: (وكل الصحابة أئمة مأمونون، غير متهمين في الدين، وقد أثنى الله ورسوله على جميعهم، وتعبّدَنا بتوقيرهم وتعظيمهم وموالاتهم، والتبرّي من كل من ينقص أحداً منهم -رضي الله عنهم أجمعين-). [الإبانة عن أصول الديانة، لأبي الحسن الأشعري، (ص260)]
وقال القحطاني في نونيته:
حب الصحابة والقرابة سنة ::: ألقى بها ربي إذا أحياني
وقال أبو العباس ابن تيمية في لاميته:
حب الصحابة كلهم لي مذهب ::: ومودة القربى بها أتوسل.
قال القاضي الشوكانيّ في تفسيره عند الآية السابقة: "أمرهم الله بعد الاستغفار للمهاجرين والأنصار أن يطلبوا من الله سبحانه أن ينزع من قلوبهم الغِلَّ للذين آمنوا على الإطلاق، فيدخل في ذلك الصَّحَابة دخولاً أوَّلياً لكونهم أشرف المؤمنين، ولكون السِّيَاق فيهم، فمن لم يستغفر للصحابة على العموم، ويطلب رضوان الله لهم، فقد خالف ما أمره الله به في هذه الآية، فإن وجد في قلبه غلاً لهم فقد أصابه نزغٌ من الشيطان، وحلّ به نصيب وافر من عصيان الله بعداوة أوليائه ... فإن جاوز ما يجده من الغِلِّ إلى شتم أحد منهم فقد انقاد للشيطان بزمام، ووقع في غضب الله وسخطه. وهذا الدَّاء العضال إنما يُصاب به من ابتلي بمعلِّم من الرَّافضة، أو صاحب من أعداء خير الأمَّة؛ الذين تلاعب بهم الشيطان، وزيّن لهم الأكاذيب المختلفة، والأقاصيص المفتراة، والخرافات الموضوعة ... وما زال الشيطان الرَّجيم ينقلهم من منزلة إلى منزلة، ومن رُتبة إلى رُتبة، حتى صاروا أعداء كتاب الله وسُنَّة رسوله، وخير أُمَّتِه، وصالحي عباده وسائر المؤمنين، وأهملوا فرائض الله، وهجروا شعائر الدين، وسعوا في كيد الإسلام وأهله كل السعي ورموا الدين وأهله بكل حجر ومدر، والله من ورائهم محيط." ا.هـ [فتح القدير للشوكاني (5/268-269)].
وقد قال إمامنا مالك بن أنس –رحمه الله-، لما ذكر هذه الآية: (قسم الله تعالى الفيء؛ فقال: "للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم" ثم قال: "والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا" الآية، فمن لم يقل هذا لهم فليس ممن جعل له الفيء) (أسنده عنه الحميدي في أصول السنة، (مسند الحميدي 2/546)).
وقال مجاهد - رحمه الله – في تفسير قول الله تعالى: (أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) قال:"بمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين." [أسنده عنه ابن عبد البر – رحمه الله – في (الاستيعاب)، (1/47)].
وقال شيخ المالكية أبو عمر ابن عبد البر النميري: "ونحن وإن كان الصحابة - رضى الله عنهم - قد كُفِينا البحث عن أحوالهم، لإجماع أهل الحقِّ من المسلمين وهم أهل السُّـنَّة والجماعة على أنهم كُلَّهُم عُدُولٌ، فواجبٌ الوقوف على أسمائهم، والبحث عن سيرهم وأحوالهم، ليُهتدى بهديهم، فهم خيرُ من سُلِكَ سبيله واقتُدِي به." ا.هـ [(الاستيعاب في معرفة الأصحاب)، (1/9)]
وقال الخطيب البغداديُّ – رحمه الله- بعد أن ساق جملةً من أدلّة الكتاب والسُّـنَّة الدَّالّة على فضلهم وعدالتهم: "فلا يحتاج أحدٌ منهم مع تعديل الله تعالى لهم؛ المطلعِ على بواطنهم إلى تعديل أحدٍ من الخلق لهم ... على أنّه لو لم يَرِدْ من الله عز وجل ورسوله فيهم شيءٌ مما ذكرناه لأوجبت الحال التي كانوا عليها؛ من الهجرة والجهاد والنُّصرة وبذل المهَج والأموال، وقتل الآباء والأولاد والمناصحة في الدين، وقوّة الإيمان واليقين القطعَ على عدالتهم، والاعتقاد لنزاهتهم، وأنهم أفضل من جميع المعدّلين والمزكَّيْن الذين يجيئون من بعدهم أبد الآبدين، هذا مذهب كافَّة العلماء، ومن يُعتدّ بقوله من الفقهاء." ا.هـ [(الكفاية في أصول علم الرواية)، (1/186-187)]
وإن من سعادة الدنيا وأسباب النجاة في الآخرة أن يتولّى المسلم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، وأزواجَه، والصالحين من أهل بيته، فإنه بذلك يكون محبّاً ومتوليّاً لمن أخبر الله بمحبته لهم، ورضاه عنهم، وبشَّرهم بجنَّته، بعد أن اصطفاهم وفضلهم على كلّ من سواهم دون الأنبياء، وهذا ما وفّق الله إليه أهل السُّـنَّة قاطبةً، فأعلنوا الولاء لأصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم وأزواجه، في غير إفراط ولا تفريط، وتتابعوا على ذلك وتوارثوه كابراً عن كابر، قال الطّحاويّ مقرّراً عقيدة أهل السُّـنَّة: (ونُحِبُّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا نُفَرّط في حبّ أحدٍ منهم، ولا نتبرَّأ من أحد منهم، ونبغض من يبغضهم، وبغير الخير يذكرهم، وحبُّهم دين، وإيمان، وإحسان، وبغضهم كفرٌ ونفاق وطغيان). [العقيدة الطحاوية مع شرحها لابن أبي العزّ، ص(689) ]
وقال: (ومَن أحسنَ القول في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه الطاهرات من كلّ دنس، وذرياته المقدسين من كلّ رجس، فقد برئ من النفاق). [العقيدة الطحاوية مع شرحها لابن أبي العزّ، ص(737)]
وقال أبو الوليد الباجي المالكي في وصيته لولديه: (وأشربا قلوبكما محبة أصحابه أجمعين، وتفضيل الأئمة منهم الطاهرين، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، -رضي الله عنهم-، ونفعنا بمحبتهم، وألزِما أنفسكما حسنَ التأويل لما شجر بينهم، واعتقادَ الجميل فيما نقل عنهم....) اهـ. [وصية أبي الوليد الباجي لولديه (ص43)]
قال أبو زرعة –رحمه الله-: (إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنَّه زنديق، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حقٌّ، والقرآن حقٌّ، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسُّنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسُّـنَّة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة) [أسنده الخطيب في الكفاية، (1/177)].
وقال إمام أهل السُّـنَّة أحمد بن حنبل –رحمه الله-: (إذا رأيت رجلاً يذكر أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوء فاتهمه على الإسلام).
وقال الإمام البربهاريّ –رحمه الله-: (واعلم أنَّ من تناول أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنَّه إنَّما أراد محمداً صلى الله عليه وسلم وقد آذاه في قبره) [شرح السُّـنَّة، للبربهاري، ص(114)].
وروى الإمام أحمد في فضائل الصحابة عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه قال: "لا تسبوا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فلمقامُ أحدهم ساعة خيرٌ من عبادة أحدكم أربعين سنة".
قال عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه -: "إن الله نظر في قلوب العباد، فوجد قلبَ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - خيرَ قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد - صلى الله عليه وسلم - فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيِّه، يقاتلون على دينه".
وقال أيضًا مخاطبًا أصحابه: "أنتم أكثر صلاة، وأكثر صيامًا، وأكثر جهادًا من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - وهم كانوا خيرًا منكم"، قالوا: فيمَ ذاك يا أبا عبدالرحمن؟ قال: "كانوا أزهد منكم في الدنيا، وأرغب منكم في الآخرة.
وقال الحسن البصري - رحمه الله -: "إنَّ أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - كانوا أكياساً، عملوا صالحاً، وأكلوا طيباً، وقدموا فضلاً، لَم يُنافسوا أهل الدنيا في دنياهم، ولم يجزعوا من ذلها، أخذوا صفْوها، وتركوا كدرها، والله ما تعاظمتْ في أنفسهم حسنةٌ عملوها، ولا تصاغرت في أنفسهم سيئةٌ أمرهم الشيطان بها.
قوله: "ولا نُفَرِّط في حبِّ واحد منهم، ولا نتبرأ من أحد منهم، ونبغض من يبغضهم، وبغير الخير يذكرهم، وحبهم دين وإيمان وإحسان".
يقصد بذلك الرد على الروافِض والنواصب؛ فإن الرافضة يُكَفِّرون أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويعتقدون أنهم كفروا إلا ثلاثة منهم؛ بل يعتقدون أنه لا ولاء إلا ببراء؛ أي: لا يتولى أهل البيت حتى يتبرأ من أبي بكر وعمر، وأهلُ السنة يوالونهم كلهم، وينزلونهم منازلهم التي يستحقونها بالعدْل والإنصاف، والرافضة يغلون في عليٍّ ويرفعونه فوق منزلته، أما النواصب، فإنهم يسبون عليًّا، ويبغضون آل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
قال يحيى بن معين في تليد بن سليمان المحاربي الكوفي: "كذاب، كان يشتم عثمان، وكل من شتم عثمان أو طلحة أو أحدًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دجال، لا يُكتب عنه، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين".
ولله در القائل:
لاَ تَرْكَنَنَّ إِلَى الرَّوَافِضِ إِنَّهُمْ *** شَتَمُوا الصَّحَابَةَ دُونَ مَا بُرْهَانِ
لُعِنُوا كَمَا بَغَضُوا صَحَابَةَ أَحْمَدٍ *** وَوِدَادُهُمْ فَرْضٌ عَلَى الإِنْسَانِ
حُبُّ الصَّحَابَةِ وَالقَرَابَةِ سُنَّةٌ *** أَلْقَى بِهَا رَبِّي إِذَا أَحْيَانِي
احْذَرْ عِقَابَ اللهِ وَارْجُ ثَوَابَهُ *** حَتَّى تَكُونَ كَمَنْ لَهُ قَلْبَانِ.
=========
7-
رجل معلق قلبه بالمساجد
منصور بن محمد فهد الشريده
@Aboesam742Are
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
فضل المساجد عند اللّه عظيمٌ لأنها بيوته في الأرض، وكذلك فضلُ المحبين لها، المكثرين من ملازمتها والتردّد عليها ،
المرابطين عليها بالغدو والاصال ، فقد ترى رجلاً قلبه معلق بالمساجد ، فلا يكاد إذا خرج من المسجد أن يرتاح لشيء حتى يعود إليه، لأن المساجد بيوت الله ، ومن دخلها فقد حلَّ ضيفًا على ربه ، فلا قلب أطيب ولا نفس أسعد من رجل حل ضيفًا على ربه في بيته وتحت رعايته.
وهؤلاء عمار المساجد على الحقيقة الذين قال الله فيهم: ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾ [التوبة: 18].
فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: ((الْمَسْجِدُ بَيْتُ كُلِّ تَقِيٍّ، وَتَكَفَّلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَنْ كَانَ الْمَسْجِدُ ببَيْتَهُ بِالرَّوْحِ، وَالرَّحْمَةِ، وَالْجَوَازِ عَلَى الصِّرَاطِ إلى رِضْوَانِ اللهِ إلَى الجَنَّةِ))[8].
وهذه الضيافة تكون في الدنيا بما يحصل في قلوبهم من الاطمئنان والسعادة والراحة، وفي الآخرة بما أعدَّ لهم من الكرامة في الجنة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَرَاحَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ نُزُلَهُ[9] مِنْ الْجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ))[10]
فقلبه كالقنديل المعلق ، حتى ولو كان جسده خارج المسجد ، فهو ينتظر بفارغ الصبر والحب الرجوع والعودة للمسجد ،
فالمساجد بيوت الله ومكان آداء العبادات المفروضة وميدان العلم والتعلم فالمتعلق بالمسجد بعيد عن رؤية المنكرات وقريب من الله تعالى فيصفو قلبه وتنجلي همومه وأكداره ويعيش في روضة من رياض الجنة وبذلك تكفر سيئاته وتكثر حسناته وقد قال تعالى :( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال *رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار *ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله ). [سورة النور ] .
وكان صلى الله عليه وسلم كما تقول عائشة رضي لله عنها: يشتغل في مهنة أهله يقطع مع أهله اللحم ويخصف نعله ويرقع ثوبه ويحلب شاته ويكنس بيته وهو أشرف الخلق ..وتقول عائشة : فإذا سمع الله أكبر ، قام من مجلسنا كأننا لا نعرفه ولا يعرفنا ....
ففي هذه المساجد ، أمر الله جل وعلا أن تُرفع ويُذكر فيها اسمه
فمن تعود وأحب الصلاة فيها
وسابق إليها في الصف الأول غدوا ورواحا
أول من يَقدم إلى المسجد وآخر من يخرج في الغالب فَرح لمقامه فيها
فهذا من السبعة الذين يظلهم الله تحت ظل عرشه..
وملازمة المساجد وكثرة الإعتياد لها
صفة لطائفة من الناس من الأخيار يؤتيهم الله من الاستقامة ، فهم لا يتركون صلاةً إلا وصلوها فى المسجد وذلك حباً فى صلاة الجماعة وأبتغاء رضا الله عليهم وعفوه عنهم وهذا ليس معناه ترك العمل والتفرغ للصلاة فى المسجد ولكن أدى عملك و إذا سمعت النداء حي على الصلاة حي على الفلاح اترك ما فى يدك ولبى النداء.
فهذا الرجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه ، والقلب ـ عباد الله ـ يتعلق بما عودته عليه، فإن عودته على الطاعة بإخلاص اعتادها ولم يجد أنسه إلا فيها، وإن عودته المعصية وأدمنت فعلها تعلق بها ، فالصالحون إنما يأنسون بذكر الله سبحانه ، لهذا فإنهم متعلقون بأماكن الطاعة ، لا يجدون راحتهم إلا فيها ، إذا غادروها فسرعان ما يشتاقون إليها ، هؤلاء ممن يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله.
فانظر يا عبد الله، هل قلبك معلق بالمسجد أم معلق بغيره من أماكن اللهو واللعب ؟
و ما هي الأماكن التي تشتاق وتحِنُّ إلى الذهاب إليها؟ واعلم أن خير البقاع في الأرض المساجد ، فالتمس الأجر في المسجد ، والتمس ظل الله يوم القيامة بتعمير المسجد ، يقول النبي ﷺ
فيما أخرجه ابن ماجه من حديث أبي هريرة:((كفارات الخطايا: إسباغ الوضوء على المكاره، وإعمال الأقدام إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة)).
و قال -عليه الصلاة والسلام- :{ ورجل قلبه معلق بالمساجد } المساجد هي بيوت الله تعالى التي أذن أن تُرفع ويذكر فيها اسمه سبحانه وتعالى، وقد كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- حريصا على المساجد وكان قلبه معلق بالمسجد كما أنه -صلى الله عليه وآله وسلم- لما نزل به مرض الموت دخل إلى أهله بعد صلاة المغرب وإذا هو قد ارتفعت عليه الحُمّى فاضطجع على فراش فنودي بصلاة العشاء، ولم ينتبه -عليه الصلاة والسلام- من شدة المرض، فالتفت -صلى الله عليه وآله وسلم- لما بدأ الناس ينادون يقولون:{يارسول الله نامت النساء نامت الصبيان} فالتفت -صلى الله عليه وسلم-إلى من حوله قال :{ أصلى الناس؟ _قالوا: لا يارسول الله هم ينتظرونك } هل قال أنا مريض ! لا، قال : { ضعوا لي ماء في المخضب } إناء كبير فوضعوا له الماء وأقبل - صلى الله عليه وآله وسلم- وجلس في هذا الماء وجعل يُبرد على نفسه حتى برُد جسده ثم اتكأ على يده ليقوم فأُغمي، عليه فلبث مليا مغمى عليه -صلى الله عليه وآله وسلم- ثم أفاق، فسأل عما قلبه معلق به، رجل قلبه معلق بالمساجد، يشتاق، هناك أُناس قلوبهم معلقة بالمسارح، فعلا تجد أنه يذهب إلى بلد معين فيه مسارح ورقص ويحضر لمدة أسبوعين ثلاثه فإذا رجع جلس أسبوعين ثلاثه فما زال قلبه معلق، ويقول "يا أخي نحن ليس عندنا سينمات ومسارح سأذهب إلى ذلك البلد" فلا يزال قلبه معلق بتلك المسارح، من الناس من قلبه معلق بالملاعب الرياضيه ولا يكتفي بمتابعة المباراه عبر التلفاز، لا بل يذهب إلى الملاعب، قلبه معلق بالكوره، الناس قلوبهم معلقه بأشياء، النبي -صلى الله عليه وسلم - قلبه معلق بالمسجد فلما أفاق قال :{ أصلى الناس ؟_ قالوا :لا يارسول الله هم ينتظرونك } فنظر فإذا جسده ضعيف وحار، قال :{ضعوا لي ماء في المخضب، فوضعوا له ماءً آخر ، فأقبل -صلى الله عليه وآله وسلم- وتبرّد به ثم اتكأ ليقوم فأُغمي عليه } <وإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الاجسام >فلبث مليا مغمى عليه وعائشه ومن حوله ينظرون إليه -عليه الصلاة والسلام- فلما أفاق سأل عما قلبه معلق به قال : {أصلى الناس؟} ماقال خرج وقت الصلاة! لا، الجماعه !، { أصلى الناس ؟_ قالوا: لا يارسول الله ينتظرونك_ قال : ضعوا لي ماءً في المخضب وصبوا علي الماء من أفواه سبع قرب لم تُحلى أفواههن } أحضروا سبع قرب يكون الماء قد طال مكثه فيها، فأحضروا إليه -صلى الله عليه وآله وسلم-القربة الأولى وصبوها عليه والثانيه وصبوها عليه والثالثه صبوها عليه حتى أكثروا عليه صب الماء قالت عائشه: {وجعل يشير بيده أن حسبكم حسبكم }لم يستطع أن يتكلم فأخذ يشير بيده، الآن نشيط فاتكأ على يديه ليقوم إلى ماقلبه معلق به فأُغمي عليه فلما أفاق -صلى الله عليه وسلم - فإذا القلب معلق لكن الجسد هنا ما استطاع أن يتصل الجسد بالقلب، فقال -صلى الله عليه وسلم -{ مروا أبا بكر فليصلي بالناس } اليوم لا يوجد صلاة جماعه قلبي معلق لكن ما استطعت أن أصلي، مروا أبا بكر فليصلي بالناس، ويصلي بهم أبا بكر صلاة العشاء من يوم الجمعه وصلوات يوم االسبت وصلوات يوم الأحد، فلما كانت صلاة العصر من يوم الإثنين شعر النبي -صلى الله عليه وسلم- في جسده بنشاط، قلبه معلق ، فقال -صلى الله عليه وآله سلم - :{ ادعولي علياً والعباس رضي الله عنهما، فدعوهم ، قال: احملاني إلى المسجد }ارجعوا الجسد إلى القلب !{ احملاني إلى المسجد} فحملاه -صلى الله عليه وآله وسلم- يتهادى بينهما، يقول علي رضي الله عنها : {إن قدميه لتخُطاّن في الأرض}
عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام نزل به الموت فسمع الآذان يؤذن لصلاة المغرب قال :| احملوني، قالوا : سبحان الله وأنت على هذا الحال ؟ _ قال : نعم أسمع منادي اللهيقول حيّ على الصلاة حي على الفلاح ولا أجيبه احملوني إلى المسجد | قال فحملوه فركع ركعة مع الإمام في صلاة المغرب ثم مات في سجوده .
محمد بن خفيف رحمه الله من علماء الحنابله قالوا قد نزل به الفالج، الفالج هو مثل الجلطه شلل نصفي، يقولون فكان إذا أُذّن عليه للصلاه إذا سمع الآذان قال :| احملوني إلى المسجد _ قالوا : سبحان الله، إن الله قد عذرك _ قال: أعلم أن الله قد عذرني أعلم لكني لا أطيق | لا أصبر، ثم قال :| إذا سمعتم حيّ عل الصلاة حيّ على الفلاح ولم تروني في الصف فاطلبوني في المقبره | يعني إن لم تجدوني في المسجد اعلموا أني قد مت، أنا في المقبره، | فاطلبوني في المقبره |
رجل قلبه معلق، تجد أنه إذا كان يقود السياره وأذن للصلاة بدأ قلبه يأكله" يا أخي ابحث عن مخرج توقف عند مسجد، ألا يوجد مسجد قريب ! افتح النوافذ نسمع ربما هناك إقامه " قلبه معلق" لا تفوتنا الصلاه لاتفوتنا الصلاة " وأناس مع الأسف يكون على الطريق السريع ويؤذن ويقول سأتأخر وزحام سأصلي في البيت، الصلاه لاتساوي شيء عنده، أما الذي قلبه معلق بالمسجد والله العظيم منذ أن يؤذن عليه وقلبه يأكله يأكله لايصبر، يمكن لو معه هاتف ما ارتاح لو معه ناس أنهى الحديث معهم وقال" ياجماعه اتركوا الحديث الى وقت آخر أنا لست معكم، بالله ابحث عن مسجد، لايوجد منارة ! أدخل الشارع هذا لنبحث " قلبه معلق ينتفض حتى يدخل إلى المسجد، لكن مع الأسف بعض الناس الذين لايهمهم ذلك، هذا ينبغي أن ينظر في قلبه، أنت قلبك ليس معلق بالمسجد، إذا قلبك معلق بالمسجد العلامه في ذلك أنه منذ أن يؤذن وأنت قلبك ينتفض .
وقف الإمام مالك مرة مع ابن وهب، أحد تلاميذه، يتحدثان في الشارع فأُذّن للصلاة فانصرف ابن وهب يمشي فنظر الإمام مالك فإذا هو متوجه إلى بيته، قال : المسجد من هاهنا ! |أين تذهب |المسجد من هاهنا! فقال: أتوضأ للصلاة _ فقال الإمام مالك : سبحان الله رجل يطلب العلم يدخل عليه وقت الصلاة وهو على غير وضوء الله المستعان يقول رجل يطلب العلم يدخل عليه وقت الصلاة وهو على غير وضوء!!
ايفترض أن تتوضأت قبل أن يؤذن، لم ينتقد عليه فاتتك الصلاه، لا، لماذا تتوضأ بعد الآذان؟ المفروض أنك من قبل الآذان تكون حريص على ذلك، كانوا يؤدبون أولادهم على صلاة الجماعة .
عبد العزيز بن مروان غاب ولده مرة عن الصلاة ، وكان ولده في مدينة أخرى عند مؤدب، فالمؤدب هذا أرسل إلى أبيه قال : |ولدك غاب عن صلاة الجماعه فأرسل الأب إليه يا ولدي ماغيّبك عن صلاة الجماعة ؟ فردّ الولد إليه قال: |يا أبتي كانت مُرَجّلتي تسكّن شعري، الجارية أو الماشطة كانت تمشط شعري وفاتتني الصلاة فبعث إليه حلاقا بصحيفة معه قال : لا تسلمه إياها حتى تحلق شعره فوصل إليه الصحيفه معه حتى حلق شعره كله ، ثم أعطاه الصحيفة بما فيها من التوجيه .
هشام بن عبد الملك صلى مرة الجمعة ثم التفت ففقد أحد أولاده فبعث إليه قال : أين أنت !غبت عن صلاة الجمعه _ قال : يا أبتي عجزت بغلتي عن حملي الولد ثقيل وبغلته مريضة ذلك اليوم فركبها وعجزت عن حمله فترك صلاة الجمعة، فقال : سبحان الله وإذا عجزت بغلتك عن حملك تغيب عن الصلاة أقسمت عليك ألا تركب دابة سنة كامله أنظر إلى التشديد عليه، سنة كاملة لا تركب دابة، لكي تتأدب ولاتغيب عن الصلاة أقسمت عليك ألا تركب دابه سنة كاملة إذا كان هؤلاء يُنشّؤون على مثل ذلك من صغرهم اعلم أنه سيزداد حرصا إذا كبر، إذا كان منذ صغره معلق قلبه بالمسجد اعلم أنه سيكبر ولا يزال قلبه معلق بالمسجد.
===8=
الرزق و الأسباب الجالبة له
عبدالرحمن بن عبدالله الطريف
@Alturaif_A
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
شُغل بعض الناس بطلب الرزق، وبالغ البعض في بذل الأسباب المشروعة وغير المشروعة ، وتشاغلوا عما خلقوا من أجله.قال جلّ في علاه: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُون) ]الذاريات:56[.
وعبادة الله قد تكون في طلب الرزق شريطة أن تكون الأسباب مشروعة والوسائل مباحة.
قال تعالى : (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)] الملك:15[.
«فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ»
وقد قال صلى الله عليه وسلم " ... اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما مَنَعْتَ ... " . رواه مسلم
وقد "تكفّل الحق سبحانه للإنسان برزقه، و جعل للرزق أسباباً وكل ما على الإنسان هو أنْ يأخذ بهذه الأسباب ثم لا يشغل باله هماً في موضوعه، ولا يظن أن سَّعْيه هو مصدر الرزق، لأن السعي سبب، و الرزق من الله، وما على الإنسان إلا أنْ يتحرى الأسباب، فإنْ أبطأ رزقه فاليرح نفسه؛ لأنه لا يعرف عنوانه، أمّا الرزق فيعرف عنوان الإنسان وسوف يَأتيه يطرق عليه الباب".
قال تعالى:(وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُون )]الذاريات:22-23[.
ولما سع أعرابي هذه الآية صاح بأعلى صوته وقال :"يا سبحان الله ! من الذي أغضب الجليل حتى حلف" .
قال الحسن البصري-رحمه الله- : كثيراً ما وجدنا من طلب الآخرة وأتته الدنيا ولكننا لم نجد من طلب الدنيا وأتته الآخرة .
قال صلى الله عليه وسلم"((لَوْ أَنَّ ابْنَ آدَمَ هَرَبَ مِنْ رِزْقِهِ كَمَا يَهَرَبُ مِنَ الْمَوْتِ؛ لَأَدْرَكَهُ رِزْقُهُ كَمَا يُدْرِكُهُ الْمَوْتُ))" صحيح الجامع5240
فلو وعى الإنسان هذه الحقيقة لطابت نفسه وسكن قلبه ولم تذهب حياته حسرات على فوات نصيب من الدنيا.فإن أعطي بعد أخذ الأسباب شكر وإن منع حمد الله و صبر .
و لعلي في هذا المقال أشير إلى بعض الأسباب المشروعة الجالبة للرزق وهي:
١ - تحقيق التوحيد قال تعالى :( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون ) [الأعراف:96[.
2- الصلاة وأمر الأهل بها قال تعالى ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى )]طه:132[.
قال سفيان الثوري :في قوله: {لا نسألك رزقًا} قال: لا نكلفك الطلب .
يقول أحد السلف : ما افتقر ولا احتاج للبشر من عمل بهذه الآية
3 - تقوى الله عز وجل قال تعالى :( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً *وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:3-2[
4 - الاستغفار قال تعالى :(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً [نوح:10-12[ .
وقال : النبي -صلى الله عليهم وسلم-: " مَن أكثر الاستغفار جعل الله له من كل همَّ فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب " أخرجه أحمد في المسند صححه أحمد شاكر
5 - التوكل على الله قال تعالى :(وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ )[الطلاق:3[.
و قال النبي -صلى الله عليهم وسلم-: "لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً، وتروح بطاناً ". رواه الترمذي، وقال: حديث حسن
6 - صلة الرحم قال النبي -صلى الله عليهم وسلم-: " مَنْ سَرَّه أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره؛ فليصل رحمه " رواه البخاري
7 - الإنفاق ( الصدقة ) قال تعالى:( وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِين ) [سبأ:39[ .
8 - المتابعة بين الحج والعمرة قال النبي-صلى الله عليه وسلم- : " تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد ". رواه الترمذي وصححه
9 - الزواج قال تعالى:( إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيم) [النور:32]. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "عجباً لمن لم يلتمس الغنى في النكاح، و الله يقول: (إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِه)]النور:32[.
10 - الدعاء قال النبي –صلى الله عليه وسلم- لأبي أمامة-رضي الله عنه: "ألا أعلمك كلمات إذا قلتهن أذهب الله همك وقضى دينك؟)) قال: بلى يا رسول الله، قال: "قل إذا أصبحت وأمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال" قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ، فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمِّي، وَقَضَى عَنِّي دَيْنِي". رواه أبو داود
قال أحد السلف :"ما افتقر ولا احتاج للبشر من عمل بهذه الآية".
١١ - شكر النعم قال تعالى: ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيد) [إبراهيم:7]، قال عمر بن عبدالعزيز-رحمه الله-": قيَّدوا نعم الله بشكر الله، فالشكر قيد النعم .
كتبه : عبدالرحمن بن عبدالله الطريف
تويتر: @Alturaif_A
البريد الألكتروني a.traif@hotmail.com
==============9=
" ففروا إلى الله "
عبدالرحمن بن عبدالله الطريف
@Alturaif_A
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
دائما ما تطرق أقدار الله القلب البشري لتقتلع منه دواعي الشرك والتعلق بغيره، و تغرس فيه بذرة الإيمان والتوكل على الله .
لا يغرنك مساء ساكن ... قد يوافي بالمنيات السحر
قال تعالى: " فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون " الأعراف آية:( 34 )
- لكل منا أجل محدود ينتهي إليه، فلا الإقدام يُدنيه, ولا الإحجام يُقصيه .
فكم من صحيح مات من غير علة
وكم من سقيم عاش حينا من الدهر
- كل منا يسير نحو نهايته بطريقة ما، وهو يظن أنه يتحاشاها وينجو منها، بينما يركض حثيثا مسرعا نحوها .
- كل منا يعلم أن شدة الحذر والحيطة لا تمنع القدر! فعلام الجزع والخوف؟ و جميعنا على موعد لن يخلفه، في مكان لن يخطئه .
" إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر " نوح آية:( 4)
-ما قدّره الله تعالى من كيفية الموت، وتوقيته، سيكون كما قدّره، دون زيادة ولا نقصان ! .
فعلام الجزع والخوف من الأمراض !؟
- ليست الدنيا هي الحياة الحقّة، و إنما الحياة الحقيقية دار الخلود والبقاء، تلك الدار التي يسعى لها الصالحون، والعقلاء، و الحكماء ... لأن فيها الإقامة الأبدية، والنعيم المطلق للمؤمنين .
- الحياة الدنيا غرور، والمستغرق في اتباع الغرور سخيف الاختيار، ضعيف العقل، فاسد التمييز، هائم فى بيداء الحياة، ذاهل بالركض وراء مطالب العيش، مستغرق المشاعر بين شتى المظاهر ، لا يكاد يتصل بسر الوجود أو يتمحض لرب العالمين .
- علينا التأمل و التفكر في الأحداث التي تصيب أمتنا لنشعر بعظمة الله، و نخشى من عقابه، ونفر من المعاصي و نلجأ إلى الله تعالى.
" ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك " النساء آية:( 76 )
- الحياة لا تستحق أن تخور لأجلها عزيمة المسلم، أو يجبن لحظة إقدام، أو يبخل ساعة عطاء.
لأن الآجال قد فرغ منها، و أن الموت لا بد أن يلاقيه كل حي، و أن الأرزاق مكتوبة لا يزيدها البخل و لا ينقصها العطاء .
فعلينا أن نتقي الله عزّ وجلّ، و نفر إليه بضعفنا وافتقارنا، عَلّه يغفر لنا ذنوبنا قبل لقائه، ولا ندري متى يكون اللقاء ؟
كتبه : عبدالرحمن بن عبدالله الطريف
تويتر: @Alturaif_A
البريد الألكتروني a.traif@hotmail.com
=============10===
تفجير (القديح) .. وأقلام الفتنة
بندر الشويقي
@Drbandarsh
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
أياً كانت الجهة التي تقف وراء عملية التفجير ببلدة القديح.
ثمة أمرٌ واحدٌ يجب ألا يُغفَل عنه ..
العملية ليست موجهةً ضد جيشٍ، ولا أفرادٍ عسكريين، ولا إلى طائفةٍ دون أخرى.
حتى الضَّحايا المباشرين لتلك العمليَّة، لم يكونوا قطعاً مقصودين لذواتهم، ولا لمذهبهم.
العملية –كما هو واضحٌ- رسالة شقاقٍ، لبلدٍ يعيش حالة حربٍ.
وغرضُ العملية تفكيك الداخل، وتكرار الصُّورة التي نراها عياناً في العراق وفي اليمن.
قد لا يكون في هذا الكلام جديدٌ يذكرُ، غير أن ما أريدُ إضافته أمرٌ آخر:
قرأتُ كتاباتٍ وتعليقاتٍ مريضةً عاجزةً عن فهم الصُّورة الواضحة التي أمامها. أو لنَقُل: لا تريد أن تفهمها، في ظل غرقها في خصوماتها الخاصة وأدوائها المزمنة.
كتابات تتناول حادثة التفجير بطريقةٍ تنسجم تماماً مع غرض المفجِّرين وهدفهم. قصد الكاتبون ذلك أو لم يقصدوه.
هناك تعليقات سُنيةٌ، وأخرى شيعيةٌ .. تحاول ربط الحدث بأسبابٍ معزولةٍ عن محرِّكه الأساس الواضح الذي يفترض ألا تخطئه عين كُلِّ عاقلٍ يعي ويفهم.
كتاباتٌ ترسل للشيعة رسالة حربٍ لا لبس فيها .. رسالةً تقولُ لهم:
"لا تصدقوا هذه البيانات، ولا الاستنكارات"
"وإياكم أن تُخدَعوا .. فليست داعشٌ من فجَّر مسجدكم!!"
هذه الكتابات -من الناحية العمليَّة- توظفُ الحادثة وفق الخطة التي أرادتها الجهة التي تقفُ وراءها .. تلك الجهة لا تريد الخير لأيٍّ من الطائفتين؛ لا السُّنةَ ولا الشِّيعة.
أصحابُ هذه التعليقات يقومون بتنفيذ الخطوة الثانية لعملية التفجير، بعدما نفَّذ المفجِّرُ الجَهُولُ خطوتها الأولى.
أيُّ تعليقٍ على الحادثة يحاول استثماره من خلال توجيه اللوم والتقريع لأيِّ جهةٍ داخل البلد لا ترتضي ما جرى وترفضُه، فهو في النتيجة والمحصل: ينفِّذُ الاستجابة المطلوبة التي يريدها من خطَّط للعمليَّة ورسمها.
حتى لو فرضنا (جدلاً) صحة ذاك الربط البليد الذي يحاوله بعض الناس، فالنصح والصدق والعقل يقتضي الإمساك الآن –على الأقلِّ- عن مثل هذا الكلام في ظلِّ أجواء التوتر والهيجان التي يسعى منفذو العمليَّة لخلقها وتصعيدها.
هذا الكلامُ لا أخصُّ به طرفاً دون طرفٍ، ولا جهةً دون أخرى.
يستوي في ذلك الشِّيعيُّ الذي يعلِّق على الحدَثِ من خلال شتم السُّنة أجمع.
أو السُّنيُّ الذي يبررُ ويعلِّق على العمليَّة من خلال الحديث عن جناياتٍ وسوابق شيعيَّة.
ولا يختلفُ عن هذين ذاك المتعالي الذي يجدُ في منظر تلك الدِّماء والأشلاء فرصته للحديث -صراحةً أو تلميحاً- عن وسطيته المتفرِّدة.
لستُ من الحالمين الذين يتجاهلون عمق الخلاف العقديِّ بين الطائفتين. لكن يجب ألا نغفل عن حقيقة أن المحرِّك للعملية أمرٌ آخرٌ، يكادُ يبصره أقلُّ الناس إدراكاً.
حديثي كلُّه عن حدثٍ قائمٍ، يأتي في سياق معركةٍ مشتعلةٍ موجَّهةٍ من الخارج لها هدفٌ واضحٌ لا خفاء فيه.
هذا الحدث أسبابه وسياقاته الجليَّة تختلف عن السِّياق الأقدم للنزاع العقديِّ التاريخي السُّنيِّ الشيعيِّ.
والجهة التي تقف وراء العمليَّة إن كانت سُنيَّةً خالصةً فهي قطعاً لم تقصد الانتقام من الشِّيعة لأنهم شيعةٌ، بل لم تقصد بفعلها الشِّيعة وحدَهم.
ومن الحمق الراسخ رفع الصوت بأن هذا التفجير ثمرة النظرة السُّنيَّة للشيعة.
الشِّيعة يعيشون في البلد منذ تأسيسه، ولم يتعرضوا قطُّ لمثل هذا العمل، رُغم حالة التوتر المستمرة بين الطائفتَين
والجهة التي تقف وراء العمليَّة لا مانع لديها من تنفيذ مثلها مع أهل السُّنةِ متى احتاجت، ولن تعدم مبرراتها لذلك لو أرادت.
المحرِّكُ لهذا العمل واضحٌ
وغرضه ظاهرٌ كالشِّمس
ومن يريدُ الخير للبلد وأهلهِ
بل حتى من يريدُ الخير لطائفته فقط
عليه أن يمسك عن كلِّ ما يخدمُ هذا الغرض
وصاحب الفتنة: ليس سوى ذاك الذي يسير في الاتجاه المعاكس لاتجاه من يسعون في إطفائها وتسكينها.
صاحب الفتنة الأثيم ذاك الذي جنَّد قلمه في خدمة الحزام الناسف.
بندر الشويقي
4/8/1436ه
=======11=========
مصادر التشكيك في الاحاديث..!
د.حمزة بن فايع الفتحي
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
من بلايا السياق التخلفي، والمرحلة التراجعية في حياة الأمة، ان يُلحق بالدين النقيصة، وان يُنسب للشرع المجيد، كل تراجع وهوان،،،! وكما تحررت أوربا من سيطرة الدين عليها، وتبينت الحق،، كذلك يجب على أمتنا قفو ذلك، كما تقول جمهرة العقلانيين والتنويريين الصحافيين والمهرجبن والفنيين، هذه الأيام وقبلها،،،!!
(( كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا )) سورة الكهف .
وبات جهالُ أمتنا (أوصياء) على إسلامنا، ومنظّرين لخطوط نهضتنا ومقوماتها،،،،!
ومن ذلك حملتهم على السنة وبعض القضايا الحديثية، وضرورة إخضاعها للعقل و(المكتشفات) الحديثة ،،،!
وتجاهلوا(( من يطع الرسول فقد أطاع الله )) سورة النساء.
وقوله(( وما اتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا )) سورة الحشر .
وصح قوله عليه الصلاة والسلام : (( ألا إني أوتيت القران ومثله معه )) أي السنة ،،،!
ومدرسة التشكيك، امتداد لمدرسة عقلانية قديمة، ابتدأت بطوائف (المعتزلة)، وانتهت او تطورت برفاعة طهطاوي والأفغاني ومحمد عبده في العصر الحديث،،،! ولا يزال تتوالد من حين لآخر،،،!!كالداعية الغزالي والترابي ود. عدنان ابراهيم واشباههم ،،،؟
وليس اهل السنة ضد العقل، أو أنهم (متحجّرون)، كلا،،! بل إنهم عقلانيون بحدود، فهم لا يطلقون له العنان، ولا يجعلونه يستقل بنفسه عن نور النص، وسطوع النقل، لعلمهم (بانعدام) التعارض بينهما، وآيات العقل والتفكر والتأمل مشهورة في القران بجلاء عجيب،،،!
لكن المجازفين هنا، تمادوا به وقدسوه، الى درجة محاكمة النصوص النقلية، والتعويل على العقل بلا ضوابط دقيقة، فوقعوا في الحرج، من حيث رد النصوص، أو الاضطراب المنهجي المسيئ،،،!
ولذلك اذا تأملتَ مصادرَهم وصنوفَهم، وجدتهم كالآتي :
1/ عقلانيون مبالغون: يقدسون العقل تقديسا مطلقا، يجعلهم يرفعونه فوق حده، متجاوزين به النقل والنص، فإن عارضه شئ، احتكموا اليه وليس الى النقل، وتلك جناية كبرى، أنى لها ان تكون،،؟!
لأنه بالبساطة، ربنا خالق العقل، والموحي بالنقل، فكيف يتعارضان،،؟! إنما التعارض في عقول البشر، وسوء الحكم والتفقه،،،!!
لانه لا يمكن لنص صحيح، أن يتعارض مع عقل صريح، وعلى هذه المسالة، بنى شيخ الاسلام ابن تيمية، وألف كتابه الذائع ( درء تعارض العقل والنقل )
وفيه قال تلميذه شمس الدين ابن القيم رحمه الله، في الكافية الشافية :
واقرأ كتابَ العقل والنقل الذي// ما في الوجود له شبيه ثاني !!
وممن تورط في هذا المسلك بعض أئمة الكلام، كالفخر الرازي والغزالي والجويني، قبل ان يتوب بعضهم، فمثلا الرازي كان يقدم العقل على النقل، ووضع شروطا تعجيزية في قبول الأدلة النقلية،
وهو من اشتهر قوله:
نهايــــةُ إقــــــدام العقـــول عقالُ // وأكثر سعي العالمين ضـــلالُ
وأرواحنا في وحشة من جسومنا// وحاصل دنيانــــــا أذى ووبالُ
ولم نستفد من بحثنا طولَ عمرنا// سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا !!
وفيه قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في (لسان الميزان 4/426)، لما احتفى بالعقل حفاوة، تجاوز بها منهج الاعتدال ( ( له تشكيكات على مسائل من دعائم الدين تورث الحيرة، وكان يورد شبه الخصم بدقة ثم يورد مذهب أهل السنة على غاية من الوَهاء )!!
2/ تجديديون منحرفون: يزعمون تجديد علوم الشريعة والارتقاء بها، فضلوا السبيل، ووقعوا في المحاذير، من ليّ النصوص او ردها، او مصادمة ظواهرها القاطعة، او التوسع في المصالح والاستحسانات،،،،! نحو: جمال البنا، وتخريفاته التجديدية المشهورة،،،،!
من نحو: تجويزه نكاح المسلمة للمسيحي، تجسيدا لمبدأ المواطنة، واباحته القبلات بين الجنسين، وزعمه أن الحجاب خاص بمنطقة الجيب والصدر فحسب، في تخريفات متنوعة،،،!!
3/ صحفيون مخلطون: بدراية وبغير دراية، يحاكمون الأفكار، ويجعلون من أنفسهم سلطة تحكم وتقرر، تبيح وتمنع، وأكثر طروحاتهم قص ولصق، لا تنتمي الى ميادين الأفكار، والتأصيل العلمي المتين،،،! وإنما تخليط، وشئ من التهويل والتخويف والتخريف والتدجيل، حتى تصيب أهدافهم، من نحو محاكمة النصوص، ونقد الأحاديث، وليس فيهم مشتغل بالعلم، فضلا عن ان يكون من منسوبي السنة والآثار،،،! بل هو الانتفاخ الصحفي،،،!
وإنه لمن عجائب الحياة، ان تصبح السنن كالكلأ المباح، والمتاع المشاع، لكل ناطق وناعق،،،!! ولذلك لا يؤمن هؤلاء الا بما يمليه سادتهم من فلاسفة الغرب وعلمائه، فان صادقوا على صحة الأحاديث بالمعامل التجريبية، صدقوا وأذعنوا، والا عاندوا واستهزأوا،،،! ومن اعتراضاتهم: احاديث الذباب، وشرب ألبان الإبل وابوالها،،! وبرغم مصادقة بعض المعامل عليها، إلا أن بعضهم لا يزال في ريبة،،،!
4/ إسلاميون منهزمون : خدرتهم المنجزات الغربية، واحسوا بالهزيمة الفكرية والذاتية، فأرادوا مواصلة الدعوة متكيفين، بتجديد منهزم، وسلوك فاتر، وحَراك سقيم، يتنافى وعزة الاسلام، وأنف العقيدة والكرامة،،،! من نحو من يسمونه رائد التنوير، رفاعة الطهطاوي واتباعه، الذين انماعوا في التسويغ والترويج للفكر الغربي، بطريق انهزامية ومسفة،،،،!
5/ كتاب متحاملون: ذوو انحراف خطير، او تلقٍ مشوش، او فكر هابط، او قراءات مسبقة، اعتمدت على الفكر الشيوعي او العلماني او القومي ، او أخدان لروايات ساقطة، وقصص ماجنة، صنعت منهم أضدادا لدينهم ولأمتهم ، فيأتون ليجعلوا من أقلامهم حكما على الأحاديث، وان لهم القدرة في النقد والتحليل،،،! وينضاف الى ذلك معاداتهم لبعض الاسلاميين، الذي يجعلهم ينظرون بعين العمى او الغشاوة امام ما يطرح،،،!!
ومقدماتهم فنية او سياسية او تربوية، او تهريجية، ولا علاقة لهم بالعلم الشرعي ومسائله، وتحقيقه،،،!
6/ متحدثون مأجورون: من خلال قنواتهم وبرامجهم، التي أخذت على عاتقها إقصاء الاسلام والفضائل، ونشر السفه والرذائل، وبث السموم والشبهات المزعزعة للإيمان والعقائد من نحو معارضة بعض الأحاديث للعقل البشري، وعدم ذكر ذلك في القران، او الترويج أن الايمان بالقران كاف،،،!!
متجاهلين جل احكام الشريعة التفصيلية كانت في السنن، وليس في القران كصفة الصلاة والزكاة والحج والصيام والمعاملات ودقائق الحدود وشبهها ،،،!
ومن المؤسف كل هذه الأصناف تحتضنهم قنوات فضائية معروفة، تغذيهم وتشتريهم، ليمارسوا عملية الهدم والتضليل والتلبيس، بسم الاسلام والعدالة، وفقه الشريعة،،! والحقيقة أنه لا عدل ولا فقه ولا شريعة، فهم يختارون ما يريدون، ويثبتون ما يريدون، إلى أن يبتكروا إسلاماً جديدا، يتناغم والهوى الغربي،،،!!
وهذه الأصناف قد حذر وتنبأ صلى الله عليه وسلم بهم في قوله(( ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني، وهو متكئ على أريكته فيقول : بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه حلالاً استحللناه، وما وجدنا فيه حراماً حرمناه، وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله )). رواه الترمذي وغيره.
وقوله (( ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول : عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه )).. والله الموفق،...
كفانا الله شرهم، ورد كيدهم في نحورهم،،،
إضاءة : مَن رام جنة من غير نهلهِ// فهو أضل من حمار أهلهِ !
=======
هولوكوست العرب السنة..!
د.حمزة بن فايع الفتحي
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
أثبت التاريخ القديم والحديث، أنهم أصدق الناس حملا للإسلام، ودفاعا عنه، وذباً عن عقيدته، وحفاظا على هُويته،،،!
ولم تزل موازين القوى العالمية تحسب حسابهم، وتتيقن أنهم( الورقة الصعبة)، والعنصر الأخطر والأمنع، !! فإن غاب العِرق، لم يغب الفكر والمنهج، فصينت الامة، وحُفظت مقدراتها، حتى في أزمنة الضعف والهوان،،!
لكن ما يجري في العصر الحديث، وفي اللحظة التاريخية المعيشة، حالة من الوهن الشديد، أدت بالتالي الى (محرقة) للجسد السني العربي، ابتدأها الأمريكان من حصار العراق في أوائل التسعينيات،بعد غزو الكويت المدبر، ومهلك اكثر من مليون ونصف، طفل عراقي، ثم مرورا باحتلاله وتدميره، وتهجير أهله سنة 2003م،،، وهي اكبر عملية تهجير وقتل في العصر الحديث، فانتهاء بالعدوان النصيري في الشام، والقتل العشوائي الانتقامي المقزز،،،! وأنكى وأغلظ أدواته الترسانة الإيرانية التي يُراد جعلها شرطي الخليج، وراعيته و(مرشدته)،،،!
وربط كل تنظيمات التطرف بالعرب والمناطق السنية، حتى باتت الصورة الذهنية عنهم، أنهم قتلة سفاحون، لا وعي ولا حوار ولا رحمة ولا إنسانية كما يقولون،،،! وفي نفس الظرف يُتغاضى عن جرائم ايران والمالكي، ومجازر الإبادة المخفية ،،،!!
فليس سراً ان بشار النعجة، قد قضى نحبه، ونفق عسكريا ونفسيا من الأشهر الاولى للثورة السورية، ولكن وقفة المارد الصفوي، ودخولهم عسكريا وفي نطاق حرب مقدسة، يُحشر لها (الشباب الإيراني)، والدعم الروسي والصيني، ثبته الى اخر رمق، ولا يزال يترنح رغم الدمار والانفلات، وضياع الدولة،،،!!
يقابل ذلك (تقصير عربي) تجاه ما يحصل، وكأنه لا يعنينا،،!
رغم انه يعنينا إقليميا وعقديا وثقافيا وأمنيا ،،،!
فيا ليت قومي يعلمون، ويتفكرون،،! لأن من جرّهم لبيع العراق،،،،، ولم يتعظوا، استخدمهم مرةً اخرى (لبيع) سوريا،،،!
وها هم العرب، يصطلون بنيار حزب اللات في لبنان، وتدخله في سوريا، وتعاني المنطقة من (هلال شيعي) يكتمل بالحراك الحوثي في اليمن، وتُحاصر من كل جهة، عبر (مخطط صفوي) إيراني منظم،،،! يقابله تفكك سني بارز، وعدم المبالاة بما يحصل،،،،، مع حيف عالمي مقصود تجاههم، حيث انهم الجبهة الاسلامية الرافضة لهيمنة الغرب وابتزازاتهم،،،!
فمنطق العربي السني:
لأدفع عن مكارم صالحات// واحمي بعدُ عن عرض صحيحِ
فالأراضي السنية في خطر، وأهلها ما بين مشرد وهالك ومطارد، فهم يتعرضون لمحرقة تديرها ايران وأذنابها، مع الترحاب العالمي بذلك،،،!
واليوم (عرسال) السنية في لبنان تتعرض لهجمات حزب اللات والجيش اللبناني العنصري، وقبلها يتآمر العالم اجمع على غزة فلسطين وعزتها، ليسوغوا قتل وإبادة ما يقارب الألفين نفسا، أكثرهم أطفال ونساء،،،! لينزعوا سلاح المقاومة، ويجردوها من كل شرف وغيرة، ويشارك عرب في هذه الجريمة، حتى بتنا نسمع مصطلح (العرب المتصهينة)..!!!
فمتى يستيقظ أهل السنة ويخشون الخطر، الذي يدفعهم للعمل والتحرك بكل حزم وصرامة،،،!
وأن مشروع الوحدة الاسلامي خير من الإيغال في التفكك، قال تعالى: (( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا )) سورة الأنفال .
يحاصر الوعي العربي، وتطعن الوثبة، ويتقارب مع الأعادي، في حين تم عزل مصر واشغالها بانقلاب فاشل، يتألم من ملصقات دينية، والمغاربة أغراب، والأيدي التركية والباكستانية معطلة،،،،! رغم توجههم السني،،!
فمن للسنة الآن،،،؟!
ومن يلم شعثهم،،،؟!
ويبحث لهم عن محضن صادق،،،؟!
بعد أن غص بهم المنافقون، وعملوا على تفريقهم وتحزيبهم،،،؟!
والسؤال المطروح هنا:
ما السبب في استهداف القوى الغربية والمعادية للعرب السنة، في هذه الفترة من التاريخ؟!
هنا عدة أسباب :
1/ سلامة منهجهم وعقيدتهم، وتباعدهم عن البدع الشاغلة، والمخالفات المجانبة، لا سيما أرباب الاتجاه السلفي الصحيح، وليس التلفي المبدل، او السخيف المحرف، الذي يرحب بالبدعة والاستبداد، ويداهن المحتل،،،،!
ويحفل بهزيمة المسلمين، او يحرض عليهم الصهاينة، كما في انكشافات حرب غزة الاخيرة ،،،!!
ولذلك لا تتعجبوا من الحملات الممنهجة على التيارات السلفية العزيزة، لا سيما دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
2/ عدم مداهنتهم المحتل، واتكاؤهم على مشروع الدفع والارغام للغازي المستعمر، وانه لا مقام للحل السلمي مع الغزاة الكفرة، كما يقول السستاتي، ودعواه للمقاومة السلمية تجاه الأمريكان، بخلاف الطيف السني، قرر الجهاد وردع المحتل ، فكبده خسائر في معركة (الفلوجة) الاولى والثانية،،،! برغم ضعف الإمكانات، ولكنها هي عزة العرب ووفاؤهم لدينهم وامتهم،،!
لا نقول ذلك عصبية، ولكن هم أفضل الأجناس إجمالا، كما يقول ابن تيمية رحمه الله، وهم اولى الناس به غضباً وانتصارا ،،!
3/ تضجر الغرب منهم، واقصد شعوبهم، وتجرعهم المرار منهم في أفغانستان، ثم العراق وسوريا، وفلسطين قبل، وأماكن اخرى، فهم دائماً في حالة حضور وتيقظ، جراء ما يحصل في أمتهم، وان كان اختُرقوا بتنظيمات منحرفة، كداعش وغيرها، ،،!! لكنهم في النهاية مصدر ازعاج لطغاة الغرب، وصانعي قانون الغاب الدولي،،! وتلاين أنظمتهم لم يحل الاشكال، وتبقى المعادلة في غاية الصعوبة،،،!
4/ نهضوية العرب السنة، وسموهم الى عودة مجد الاسلام، فهم لا يريدون عز العرب، او الدفاع عن أنسابها واحسابها، كلا، بل المهم المؤكد في حسهم وحراكهم، هو استيقاظ همة الامة للدور التاريخي لها، وأن العالم قد خسر كثيراً بانحطاط المسلمين، وصيرورتهم اتباعا للغرب والصهاينة،،،!
لو لامست اذنَ الفاروق خيبتُهم// لكدر الصفوَ في جناته الكمدُ
او كان يدري صلاح الدين ما اقترفت تلك العلوج لضج الفاتح النجِدُ !!
فكان لزاما التحرك، واعتقادا المضاء، وأمانة النهوص، واباءً الغيرة،،، ! حتى لا يطول الرقاد، وتطغى الشهوات، ويهلك الانسان، ونتحمل نحن جريرة ضياع هؤلاء وانغماسهم في مستنقع الشهوة والتعاسة والمهانة ، ثم هو تحقيق لسنة التدافع والصراع، التي يتمخض من خلالها ظهور الحق وانتصار الاسلام، (( كتب الله لاغلبن انا ورسلي ان الله قوي عزيز )) سورة المجادلة.
واعتقد أنه لم يعد ثمة وقت للانتظار والتراخي وافتعال المشكلات، في ظل حرب دامية مستمرة، فالواجب التوحد والتناصر ونبذ الفرقة والنزاع، والاستعداد والتأهب (( يأيها الذين آمنوا خذوا حذركم )) سورة النساء.
ومضة : (هولوكوست) مشتقة من كلمة يونانية، تعني الحرق الكامل للقرابين المقدمة للإله، ثم باتت مصطلحا لجرائم الإبادة الجماعية، وأول ما استعملت سنة 42 م لاعمال هتلر النازي تجاه اليهود، وانتشرت في العقد الأخير في ميادين السياسة والصحافة كوصف لكل عملية تدمير كلي،،!
============12=====
دور الغرب في القضاء على الخلافة الاسلامية وتقسيمها إلى دويلات
محمد سلامة الغنيمي
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
الاختلاف والتفرق حالة مرضية كانت في الامم السابقة، لاسيما اليهود والنصارى، الذين حذرت منهم نصوص التشريع الاسلامي، قرآناً وسنة، قال تعالي " وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ "[i] .
بيد أن متأخروهم قد استفادوا من دروس سابقيهم، فعملوا علي الوحدة والاجتماع رغم شدة ما بينهم من عداوة وبغضاء، لا لشيء إلا لقهر المسلمين واستدامة سيطرتهم علي مقدرات الامم والشعوب، حتي وصل الامر إلي أن يسعي بابا الفاتيكان إلي تبرأة اليهود من جريمتهم التاريخية في سفك دم المسيح ( علي حد زعمهم )، يبدوا أنهم يريدون أن يزيلوا كل ما من شأنه أن يكون عائقاً دون الاجتماع والتعاون، حتي لو كانت عقيدة دينية لدي الطرفين تطاولت عليها الفرق وآمنت بها الاجيال.
وبذلك تتحقق نبوءة النبي صلى الله علية وسلم في قوله:" يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ، فَقَال قَائِل وَمَنّ قِلَّة نَحْن يَوْمئِذ قَال بَل أَنْتُم يَوْمئِذ كَثِير وَلَكِنَّكُم غُثَاء كَغُثَاء السَّيْل ولينزعن اللَّه مَن صُدُور عَدُوَّكُم الْمَهَابَة مِنْكُم وليقذفن اللَّه فِي قُلُوبَكُم الْوَهْن فَقَال قَائِل يَا رَسُول اللَّه وما الْوَهْن قَال حُبّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَة الْمَوْت "[ii] فَهُم قَد يَخْتَلِفُون فِي كَلّ شَيْء لَكِنَّهُم يَجْتَمِعُون عَلَيّ قَمْع النَّهْضَة الاسلامية وَتَمْزِيق الامة الاسلامية وواد أَي يَقَظَة قَد تَقُوم ، لِتَدُوم لَهُم السَّيْطَرَة عَلَيّ الْعَالِم أَطْوَل فَتْرَة مُمْكِنَة ، فَعَقَدُوا المؤتمرات وشكلوا الْهَيْئَات وَكُونُوا المنظمات الَّتِي تَعْمَل عَلَيّ ذَلِك الْغَرَض الْمُوَحِّد .
فانتهجوا فِي سَبِيل تَحْقِيق ذَلِك سِيَاسَة فَرَّق تَسُدّ وَأَن الشَّجَرَة إِنَّمَا يَقْطَعُهَا أَحَد أَغْصَانِهَا ، فَيَكُون الْمُسْلِمِين كَاَلَّذِين يُخْرِبُون بُيُوتِهِم بِأَيْدِيهِم ، وينوبون عَن أَعْدَائِهِم فِي مهمتهم، وَبُعْد مَا فَشُلَّت كَلّ محاولاتهم الْقَدِيمَة فِي السَّيْطَرَة عَلَيّ بِلَاد الاسلام بِقُوَّة السِّلَاح فَأَيْقَنُوا أن الْمُسْلِمِين لا يَهْزِمُون أبداً فِي مَعَارِك السِّلَاح ، فاستفادوا مَن وَصِيَّة لويس التَّاسِع وَمَنّ أَفْكَار المنصرين والمستشرقين.
وَقَد اقبسوا هَذِه السِّيَاسَة الْمَعْنِيَّة بِتَفْرِيق الشُّعُوب الاسلامية مَن تعاليم دِينِهِم المحرفة، فَالرَّبّ عَلَيّ حَدّ زَعْمِهِم لا يَسْتَطِيع أن يَنْتَظِر حتي يَبْنُوا مَدِينَتِهِم وينافسوه فِي مَلَكُوتِه .... وَكَأَنَّمَا هُو مستعمر أوروبي يَسِير وَفْق سِيَاسَة فَرَّق تَسُدّ ، فَفَرَّق الْبَشَر ، حَتَّى يَحْكُم قَبَضْته عَلَيْهِم .
جَاء فِي سَفَر التَّكْوِين أن الرَّبّ الاله خَشِي عَلَيّ مَمْلَكَتِه مَن الزَّوَال وَحُكْمَه مَن الِانْهِيَار ، عِنْدَمَا رَأَى الْبَشَر مُتَّحِدَيْن ومتحابين، يَبْنُون مَدِينَة كَبِيرَة وبرجها فِي السَّمَاء ، فَدَعَا مَلَائِكَتَه وَنَزَّل وَحَطْم مَدِينَتِهِم ، وَبُلْبُل أَلْسِنَتِهِم وَفَرَّقَهُم فِي الارض ، حتي لا ينافسوه فِي مِلْكِه وَمَلَكُوتِه ، تَعَالِي اللَّه عَن ذَلِك علواً كبيراً[iii] .
وَمَنّ هُنَا بدأوا فِي إضْعَاف الْخِلَافَة الاسلامية أولاً، بِالْحُرُوب الداخلية، وَنَزْع رُوح الاسلام وَرَوَابِطِه مَن نُفُوس الْمُسْلِمِين ، وَبَثّ النزاعات الْعِرْقِيَّة ، وَمَنّ ثُمّ هَدَم الْخِلَافَة الاسلامية تماماً، الْيَهُود بِأَمْوَالِهِم والنصارى بسلطانهم، رَغِم مَا بَيْنَهُم مَن عَدَاوَة وبغضاء.
شجعوا حُكَّام الاقاليم التَّابِعَة لدولة الْخِلَافَة عَلَيّ الْعِصْيَان وَالِانْقِلَاب عَلَيّ دُولَة الْخِلَافَة وَكَسَر عَصًا الطَّاعَة ، مِثْلَمَا فَعَلُوا مَع مُحَمَّد عَلَيّ ، فَقَد عَمِلُوا عَلَيّ تَقْوِيَة شَوْكَتُه ، وَبَسْط سُلْطَانِه عَلَيّ مِصْر وما حَوْلَهَا ، وساندوه فِي حُرُوبِه ضِدّ جَيْش الْخِلَافَة الْعُثْمَانِيَّة ، وَلَمًّا كَاد مُحَمَّد عَلَيّ أن يَقْضِي عَلَيّ الْخِلَافَة ، سَارِعُوا بصده وَإِيقَاف تَوَغُّلِه ، خوفاً مَن الْقَضَاء عَلَيّ الْخِلَافَة الْعُثْمَانِيَّة وَإِنْشَاء خِلَافَة بديلة عَنْهَا ، فَهُم دَائِمًا يَعْمَلُون عَلَيّ توازان دَوَائِر الصِّرَاع ، لِاسْتِنْفَاذ الْقُوَى .
وَمَنّ أَجَل تَنْفِيذ هَذَا الْفِكْر الْخَبِيث تَمّ انْعِقَاد مُؤْتَمِر كامبل، الَّذِي دَعَا إلَيْه حِزْب الْمُحَافِظِين البريطاني، وَاسْتَمِرّ جِلْسَات هَذَا الْمُؤْتَمَر مَن 1905 إلَيّ 1907 فِي لندن، بِدَعْوَة سَرِيَّة مَن حِزْب الْمُحَافِظِين البريطاني بِهَدَف إيجَاد آلِيَّة تُحَافِظ عَلَيّ تَفُوق ومكاسب الدُّوَل الاستعمارية، وانعقد الْمُؤْتَمَر بِحُضُور كلاً مَن فرنسا وهولندا وبلجيكا وإسبانيا وإيطاليا، وَقَد حَضَر الِاجْتِمَاعَات كِبَار عُلَمَاء التَّارِيخ وَالِاجْتِمَاع وَالِاقْتِصَاد وَالزِّرَاعَة والجغرافيا والبترول.
ولقد تَوَصَّل الْمُجْتَمِعُون إلَيّ نَتِيجَة مُفَادُهَا :" إن الْبَحْر الْمُتَوَسِّط هُو الشِّرْيَان الْحَيْوِيّ للاستعمار، لأَنَّه الْجِسْر الَّذِي يَصِل الشَّرْق بِالْغَرْب وَالْمَمَرّ الطَّبِيعِيّ إِلَى القارتين الاسيوية والافريقية وَمُلْتَقَى طَرَق الْعَالِم ، وأيضاً هُو مَهَّد الاديان والحضارات، والاشكالية فِي هَذَا الشِّرْيَان أَنَّه يَعِيش عَلَيّ شواطئه الجنوبية وَالشَّرْقِيَّة بِوَجْه خَاصّ شُعَب وَاحِد مُتَوَفِّر لَه وَحِدَّة التَّارِيخ وَالدِّين وَاللِّسَان .
وَأَبْرَز مَا جَاء فِي توصيات هَذَا الْمُؤْتَمَر :
* الابقاء عَلَيّ شَعُوب هَذِه الْمِنْطَقَة مُفَكَّكَة جَاهِلَة مُتَأَخِّرَة :
وَعَلِيّ هَذَا الاساس قاموا يَتَقَسَّم الْعَالِم بِالنِّسْبَة إلَيْهِم إلَيّ ثَلَاث فِئَات
* الْفِئَة الاولي:
دُوَل الْحَضَارَة الْغَرْبِيَّة المسيحية ( دُوَل أوروبا وأمريكا الشَّمَالِيَّة وأستراليا ) وَالْوَاجِب تُجَاه هَذِه الدُّوَل هُو دَعِّم هَذِه الدُّوَل مادياً وتقنيا لِتَصِل إلَيّ أَعَلَيّ مُسْتَوِي مَن التَّقَدُّم والازدهار.
* الْفِئَة الثَّانِيَة :
دُوَل لا تَقَع ضَمِن الْحَضَارَة الْغَرْبِيَّة المسيحية وَلَكِن لا يُوجَد تَصَادُم حضاري مَعَهَا ولا تُشْكِل تهديداً عَلَيْهَا ( كدول أمريكا الجنوبية واليابان وكوريا وَغَيْرهَا ) وَالْوَاجِب تُجَاه هَذِه الدُّوَل هُو احْتِوَائِهَا وإمكانية دعمها بِالْقَدْر الذى لا يُشْكِل تهديداً عَلَيْهَا وَعَلِيّ تَفَوُّقِهَا .
* الْفِئَة الثَّالِثَة :
دُوَل تَقَع ضَمِن الْحَضَارَة الْغَرْبِيَّة المسيحية وَيُوجَد تَصَادُم حضاري مَعَهَا وَتُشْكِل تهديداً لتفوقها ( وَهَى الدُّوَل الاسلامية بِشَكْل عَامّ ، وَالْعَرَبِيَّة بِشَكْل خَاصّ ) وَالْوَاجِب تُجَاه هَذِه الدُّوَل هُو حِرْمَانِهَا مَن الدعم وَاكْتِسَاب الْعُلُوم وَالْمَعَارِف التَّثْنِيَة وَعُدِم دعمها فِي هَذَا الْمَجَال وَمُحَارَبَة أَي اتِّجَاه مَن هَذِه الدُّوَل لامتلاك الْعُلُوم التقنية.
* مُحَارَبَة أَي تَوَجَّه وصولي فِيهَا :
وَلِتَحْقِيق ذَلِك دَعَا المؤتمرون إلَيّ إقَامَة دُولَة فِي فِلَسْطِين تَكُون بِمَثَابَة حَاجِز بُشْرَى قُوَى وَغَرِيب ومعادى، يَفْصِل الْجُزْء الْأَفْرِيقِيّ مَن هَذِه الْمِنْطَقَة عَن الْقِسْم الأسيوي، وَاَلَّذِي يَحُول دُوْن تَحْقِيق وَحِدَّة هَذِه الشُّعُوب ، وَتَكُون لِهَذَا الْجِسْم أَدْوَار ثَلاَثَة :
1- يَفْصِل الْمَشْرِق الْعَرَبِيّ عَن الْمَغْرِب الْعَرَبِيّ .
2- ولاءة لِلْغَرْب .
3- يُعَطِّل نَهْضَة هَذِه الْمِنْطَقَة .
فَتَوَجَّه الْيَهُود بقيادة حاييم وايزمان- أَشْهُر شَخْصِيَّة صهيونية بَعْد تيودور هيرتزل – إِلَى تِلْك الدُّوَل يَعْرِضُون أَنْفُسِهِم ، أن يَكُونُوا هُم هَذَا الْجِسْم الْغَرِيب ، وَبِالْفِعْل اسْتَطَاع حاييم وايزمان أن يَحْصُل عَلَيّ وَعَدّ بلفور، وكان لَه الدُّور الاساسي فِي ذَلِك .
وَعَلِيّ ذَلِك فَقَد شَكْل هَذَا الْمُؤْتَمَر النَّوَاة الاساسية الَّتِي انْبَثَق عَنْهَا كَلّ المخططات والمؤامرات الهادفة إلَيّ تَقْسِيم دُوَل الْخِلَافَة الاسلامية، وَتَقْسِيمُهَا إلَيّ دويلات ذَات حُدُود حُرَّة حيادية لِتَكُون بِمَثَابَة بُؤْرَة لِلْخِلَاف وسبباً لِلنِّزَاع .
وَقَد ارتكزوا فِي مُهِمَّة إسْقَاط دُولَة الْخِلَافَة إلَيّ عِدَّة اتجاهات، تَكْمُل بَعْضُهَا بعضاً لِتَحْقِيق الْغَرَض الْمَعْنِيّ .
* خَلَق طَبَقَة مَن أَبْنَاء الْمُسْلِمِين تتبني مَذَاهِب وَأَفْكَار هدامة، تنخر فِي عِظَام الدّيْن الاسلامي، وَتَعْمَل عَلَيّ زَلْزَلَة عَقِيدَة الْمُجْتَمَعَات الاسلامية، فيتفرغون لِلْجَدَل وينشغلون بالنزاعات الْفِكْرِيَّة والطائفية.
* تَشْوِيه صُورَة الْخِلَافَة الْعُثْمَانِيَّة ، خَاصَّة السُّلْطَان عَبْد الْحَمِيد ، وَتَشْبِيهِهَا بالاستعمار والاحتلال، وُفِّي الْمُقَابِل تلميع بَعْض الرُّمُوز العميلة لَهُم .
* إحْيَاء النعرات القومية كالطورانية فِي تُرْكِيًّا والفرعونية فِي مِصْر والبابلية فِي الْعِرَاق والاشورية والفينيقية فِي الشَّام ، والبربرية فِي شِمَال أفريقيا.
وَقَد عززوا مَن شَأْن القومية الْعَرَبِيَّة لِتَكُون فِي مُقَابِل النَّزَعَة الطورانية التُّرْكِيَّة ، لِيُحْدِث بِذَلِك انشقاقا كبيراً غَيّ دُولَة الْخِلَافَة ، فتنشغل الامة بِتَمْجِيد تِلْك النزاعات وَالِافْتِخَار بِهَا ، مَع تَجْهِيل الْمُسْلِمِين بِتَارِيخِهِم الاسلامي الْمَجِيد .
* لتَّنْصِير والاستشراق وَسِيلَتَان تكيدان لِلْإِسْلَام تَحْت سِتَار خَفِي مُقْنِع .... الاصلاح وَالتَّعْلِيم وَالطِّبّ وَالْمَعُونَات ......
* الاحزاب العلمانية والماسونية، مِثْل الِاتِّحَاد وَالتَّرَقِّي أَوَّل حِزْب سِيَاسِيّ جَلّ أَعْضَائِه مَن الماسون، وَزَرَعُوا فِي مُعْظَم الاقطار والاقاليم الاسلامية مِثْل هَذَا الْحِزْب .
عَمِلْت كَلّ هَذِه الْوَسَائِل وَغَيْرهَا عَلَيّ إضْعَاف الدَّوْلَة الاسلامية وَبَثّ سَمُوم الْخِلَاف وَالنِّزَاع بَيْن أَرْكَانِهَا وَعَلِيّ تَهْوِين الْعَقِيدَة الاسلامية فِي قُلُوب الشُّعُوب الاسلامية، فهيئت الدَّوْلَة الاسلامية لِلزَّوَال وَتَحْوِيلَهَا إلَيّ أَقَالِيم مُتَفَرِّقَة .
وَمَع ذَلِك كَان لابد مَن اتِّخَاذ خُطُوَات عَمَلِيَّة تَقْضِي عَلَيّ مَا تُبْقِي مَن قُوَّة لَدَيّ الْخِلَافَة ، وَمَحْو الِاسْم مَن الْوَاقِع ، فَدَفَعُوا الْخِلَافَة الْعُثْمَانِيَّة لِلدُّخُول فِي الْحَرْب الْعَالَمِيَّة الاولي، فَدَمَّرَت عَلَيّ أَثَرُهَا الْقُوَّة الْعَسْكَرِيَّة الْعُثْمَانِيَّة تماماً.
وَقَد أَخَذُوا فِي تلميع مصطفي كَامِل شَدِيد الْعَدَاوَة لِلْإِسْلَام (ماسوني) لِيَحِلّ مَحَلّ الْخَلِيفَة ، وُفِّي نَفْس التَّوْقِيت عَمِلُوا عَلَيّ تلميع شَخْصِيَّة عَرَبِيَّة ، تعشق الزَّعَامَة وَتَقْدِيس السُّلْطَة فَكَان الشَّرِيف حُسَيْن وَالِي مَكَّة ، فَأَغْرَاه الْغَرْب عَن طَرِيق لورانس الْعَرَب ضَابِط المخابرات الإنجليزي، وكان هُو الْوَسِيط بَيْن الشَّرِيف حُسَيْن ومكماهون عَلَيّ أن يَقُوم الشَّرِيف سِين بِضَرْب الدَّوْلَة الْعُثْمَانِيَّة مَن الْخَلَف ويحتل مِينَاء الْعَقَبَة وَيَفْتَح الْمَجَال لِلْجَيْش الإنجليزي لِدُخُول فِلَسْطِين ، فِي مُقَابِل أن يُعْطِي الشَّرِيف حُسَيْن مَمْلَكَة الْعَرَب .
وُفِّي سِيَاق قُلِب الْحَقَائِق اطلقوا عَلَيّ هَذِه الْخِيَانَة الْكُبْرَى لَقَب الثورة الْعَرَبِيَّة الْكُبْرَى عَلَيّ الاحتلال التُّرْكِيّ .
وَنَجَحَت خُطَّة لورانس ومكماهون، حَيْث لَم يَكُن العثمانيون يَتَوَقَّعُون خِيَانَة الشَّرِيف حُسَيْن فَكَانُوا يَتَوَقَّعُون أن تَأْتِيهِم الضَّرْبَة مَن قُبُل الإنجليز فَقَط .
وُفِّي نَفْس التزامن الَّذِي حَرَّك فِيْه الْغَرْب الْقِيَادَة الْعَرَبِيَّة الْخَائِنَة لِلِانْقِلَاب عَلَيّ الْخِلَافَة الْعُثْمَانِيَّة ، بِوُعُود واتفاقات كَاذِبَة ظَهَرَت اتِّفَاقِيَّة سايكس بيكو 1916 وَالَّتِي انْعَقَدَت بَيْن بريطانيا وفرنسا بمصادقة روسيا عَلَيّ تَقْسِيم ممتلكات الدَّوْلَة الْعُثْمَانِيَّة .
بِمُوجِب هَذَا الِاتِّفَاق حَصَلَت فرنسا عَلَيّ سوريا وَلُبْنَان وَمِنْطَقَة الْمَوْصِل ، أَمَّا بريطانيا فَامْتَدَّت مَنَاطِق سيطرتها مَن طَرْف بِلَاد الشَّام الْجَنُوبِيّ متوسعاً بِالِاتِّجَاه شرقاً لتضم الْعِرَاق والاردن، كَمَا تَقَرَّر وَضَع فِلَسْطِين تَحْت إدَارَة دولية يَتِمّ الِاتِّفَاق عَلَيْهَا بالتشاور بَيْن بريطانيا وفرنسا وروسيا.
وَانْعَقَدَت عِدَّة مؤتمرات واتفاقيات أَخِّرِي تَمّ بِمُوجِبِهَا الْقَضَاء التَّامّ عَلَيّ الْخِلَافَة الْعُثْمَانِيَّة وَتَقْسِيم الدَّوْلَة إلَيّ دويلات بِالشَّكْل الْحَدِيث مِثْل مُؤْتَمِر وَمُعَاهَدَة فرساي الَّتِي خَسِرْت الدَّوْلَة الْعُثْمَانِيَّة خِلَالِهَا أَرَاضِي وَاسِعَة فِي أوروبا وأسيا وَانْتَهَت كإمبراطورية، ومؤتمر سَان ريموا الَّذِي قَسَمْت فِيْه الشَّام الْوَاحِدَة إلَيّ أَرْبَعَة دُوَل ( سوريا وَلُبْنَان والاردن وَفِلَسْطِين ).
وَمُعَاهَدَة لوزان الَّتِي اُشْتُرِطَت فِيهَا انجلترا عَلَيّ تُرْكِيًّا عَدَم انْسِحَابِهَا مَن اراضيها الا بَعْد تَنْفِيذ الشُّرُوط الاتية:
1- إلْغَاء الْخِلَافَة الاسلامية، وَطَرَد الْخَلِيفَة مَن تُرْكِيًّا وَمُصَادَرَة أَمْوَالِه .
2- أن تتعهد تُرْكِيًّا بإخماد كَلّ حَرَكَة يَقُوم بِهَا أَنْصَار الْخِلَافَة .
3- ان تُقْطَع تُرْكِيًّا صِلَتُهَا بِالْإِسْلَام .
4- ان تَخْتَار لَهَا دستوراً مدنياً بدلاً مَن دستورها الْمُسْتَمَدّ مَن أَحْكَام الاسلام.
------------------------------------
[i] [ سورة آل عمران: 105 ]
[ii] [أبو داود في السنن 4/111 ]
[iii] [ سفر التكوين الاصحاح 11 ، 1 إلي 9 ]
================

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق